الـــمـــغـــاربـــة … تــراجــيــديــا وطـــن فــي واقــع قــبــيــلــة

الـــمـــغـــاربـــة … تــراجــيــديــا وطـــن فــي واقــع قــبــيــلــة

بقلم :: محمد بعيو 
من المرحوم الشاعر عابد بوخمادة، الذي رفض الانحياز إلى فبراير، ثم قُتل في إحدى البلدات المصرية في ظروف غامضة قبل 5 سنوات، إلى السجين البوسليمي السابق الضابط إدريس بوخمادة، الذي وضعه ثلاثي السراج المجبري البرغثي في تقاطع نيران الهلال النفطي، دون تزويده بالواقيات القبلية والعسكرية الكافية كي لا يحترق مادياً ومعنوياً، مروراً بالعاقل صالح الأطيوش الذي يملك الحكمة لكنه لا يملك المال ولا عدة القتال، والمنفلتين أولاد الضابط سعيد جضران الثلاثة، الذين ألقتهم انهيارات الداخل وتدخلات الخارج في وجوهنا كاللعنة، مثلما ألقت بمئات النكرات مهاميز شر تطعن الوطن والناس، والداعشي الساعدي النوفلي، والضابط مفتاح المقريف آمر حرس المنشآت، الذي وجد نفسه وحيداً مطلع مارس في مواجهة سرايا الدفاع عن بنغازي أنجامينا، تجد قبيلة الـــمـــغـــاربـــة نفسها أمام تحديات ذاتية ووطنية كبيرة، تحتاج مواجهتها والتعامل معها إلى ما يتجاوز حكمة شيوخها، وانضباطية عسكرييها، وانفلات صبيانها، بل ربما يحتاج التعامل معها وتقليل أخطارها على القبيلة والمنطقة والوطن كله إلى اجتماع العناصر الثلاث في عقل واحد، وإرادة واحدة، وإدارة واحدة، تستلهم الحكمة، وتلتزم الانضباط، وتستخدم الانفلات المحسوب وليس الأهوج، فالقبيلة الكبيرة نسبياً عدداً والمنتشرة جغرافياً {مع قبائل أخرى أصغر حجماً بكثير} على رقعةً شاسعة واستراتيجية من خريطة الوطن، والتي تمتد أراضيها أو وطنها حسب المفهوم القبلي السائد من الوادي الحمر شرق سرت حتى سلطان شرق اجدابيا، وبعمق جنوبي يبلغ عشرات الكيلومترات من النوفلية حتى وادي العقر الخصيب، وبمقدرات طبيعية واقتصادية تكفي لو توفر العقل والإدارة لتوفير حياة رغدة ليس لــلــمــغــاربــة وحدهم ولا لبرقة وحدها بل للبلاد كلها، تعاني قبيلة الـــمـــغـــاربـــة، مثلما تعاني كل مناطق وقبائل الوطن من انفصامات ذاتية خطيرة، بين الحاجة إلى إثبات الوجود اعتماداً على مقومات ذاتية ضعيفة وغير كافية على الإطلاق للتصرف بحرية خارج الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وبين الاحتياج الواضح إلى مظلة أمان واقية كبرى من أخطار متعددة وكبيرة، لا يمكن أن تتوفر بالتحالفات القبلية والجهوية، ولا بالهرطقات الآيديولوجية والمناورات السياسية، ولا بالقفز عبر المتوسط إلى إيطاليا الفاشية الغبية، أو عبر الحدود إلى مصر المأزومة، أو تونس العاجزة، أو الجزائر الحائرة، أو استدعاء الأفارقة من دول الجوار الجنوبي المضطربة ليقتتل الليبيون بأيديهم، ثم ليقتلوهم، أو يبيعوهم إلى تجار تهريب البشر عبر البحر، فلن يتوفر الأمان الحقيقي والتأمين الفعلي إلا بوجود الـدولـة الـلـيـبـيـة الجامعة المانعة، في صيغتها الجديدة، القادرة على البقاء، الحديثة غير العاجزة عن الجمع عبر العقل والحزم والقدرة، بين مقتضيات الأصالة ديناً وهوية وانتماء، وبين متطلبات الحداثة والتقدم والديمقراطية.
نحتاج نحن الليبيون المقتولون اختياراً بذات السيف، المرتهنون قسراً لذات المصير، إلى بذل الجهد الكثير لنكتشف ذواتنا، ونعرف وطننا، ونفهم بعضنا، وإلى أن يتحقق ثالوث الحضور هذا، سنظل غائبين حد الفقدان، مغيبين حتى الثمالة، إلـى أن نــعــرف فــنــنــجــو، بــدل أن نــجــهــل فــنــغــرق.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :