كتبت :: زينب عبد الغني الطاهر
يغلب على إجراءات التقاضي العادية صفة البطء والإطالة، كذلك ازدياد عدد المنازعات المعروضة عليه الأمر الذي يؤدي إلى تراكم المنازعات وعدم إمكانية الفصل فيها وإنهائها في ميعاد مناسب، فبعض المراكز القانونية والأوضاع المادية لا تحتمل الإطالة للفصل فيها حتى لا تضيع تلك المراكز أو الحقوق أو تضيع قيمتها. وحتى يتم التوفيق بين إحقاق الحق وإظهاره، واستقرار العدالة الذي يستوجب التمحيص والتدقيق والدراسة العميقة لأقوال الخصوم والمستندات التي يقدمونها وبين الطبيعة الخاصة التي تتسم بها بعض الحقوق والمراكز القانونية من استعجال البث فيها حتى لا تضيع، حرصت أغلب النظم القانونية أن تضيف إلى جانب القضاء العادي وما تتسم به إجراءاته المتشعبة قضاءً آخراً عُرف بالقضاء المستعجل يتسم هذا القضاء بإجراءات أبسط وأسرع ومواعيد مختصرة ليحقق التوازن ويحمي المراكز القانونية والحقوق التي لها طبيعة خاصة والتي يضرها بطء إجراءات القضاء العادي والمواعيد المُتراخية. ولأن الأصل أن الضرورة تُقدر بقدرها ، وأن الغرض من القضاء المستعجل هو تجنب الضرر الذي يمكن أن يُصيب الحقوق أو المراكز القانونية ذات الطبيعة الخاصة من مُضي الزمن عليها فقد اقتصرت وظيفة القضاء المستعجل على حماية هذه الحقوق والمراكز حماية وقتية مستندةً على ما يتبين من ظاهر الأوراق والمستندات دون حسم النزاع بشكل قطعي. واللجوء إلى القضاء المستعجل عادةً ما يخفف عن كاهل وعاتق القضاء العادي العبء الواقع عليه؛ وذلك حين يُحقق القضاء المستعجل ما يستهدفه المتقاضون، أو حين يقتنع الخصوم بالحكم المستعجل ويرون أنه كشف وجه الحق في المنازعة وأحق الحق بشأنها ، فيكتفون به دون أن يلجؤوا إلى القضاء العادي. ولا يفوتني هنا أن أذكر أن الدعاوى المستعجلة تكون بطلب وقتي لا يمس أصل الحق، ولا يحوز الحكم فيها حجية الأمر المقضي، أما الدعاوى التي يوجب القانون أن يتم الفصل فيها سريعاً أو بشكل سريع فهي منازعات موضوعية يُقضى فيها بأحكام قطعية وحاسمة حول أصل الحق وتحوز حجية الأمر المقضي ، كما أن المُشرع أحياناً يُطبق على الدعاوى التي يحكم فيها بشكل سريع بعض الأحكام المُقررة بالنسبة للدعاوى المستعجلة التي تهدف إلى تبسيط وتيسير الإجراءات واختصار المواعيد منها على سبيل المثال: القاعدة التي تقضي بأنه يكفي أن تتضمن صحيفة الدعوى ( موضوع الدعوى، وطلبات المُدعي بشكل موجز ) فهذه القاعدة تنطبق أيضاّ على الدعاوى المستعجلة.