المال العام وصور حمايته

المال العام وصور حمايته

  • المستشارة القانونية : فاطمة درباش

  أغلب الدساتير نصت في أحكام موادها على أن للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب على كل مواطن.

“يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام القانون  ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:

أولاً: الدولة ووحدات الإدارة المحلية.

ثانياً: الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.

إذاً المال العام هو العقارات والمنقولات بنوعيهما والتي تخصص بالفعل أو بموجب قرار إداري لتحقيق المصلحة العامة

فمعيار التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة.

تجدر الإشارة إلى أن المال العام هو أحد أهم عوامل نهضة المجتمع والأمة وهو يعتبر أساس تنمية الشعوب ؛لأن المال العام هو أي شيء موجود في الدولة، أو ضمن حدودها، لم يتم تحديد أي صاحب له ويشمل هذا الأمر الأموال والأراضي والمصانع ، والشركات والأندية، والأدوات والمعدات والبحار ، والأنهار وكل الموارد الطبيعية الموجودة في حدود الأرض.

يكون الإضرار بالمال العام في حال قام موظف عام بأن أضر عمدا بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة يعاقب بالسجن المشدد ، فإذا كان الضرر الذي يترتب على فعله غير جسيم، جاز الحكم عليه بالسجن .

إذاً يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، ولا تتجاوز ثلاث سنوات، كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو بأموال الغير أو مصالحه المعهود بها إلى تلك الجهة، وكان ذلك ناشئاً عن إهمال في أداء وظيفته، أو إخلال بواجباتها، أو إساءة استعمال السلطة.فالمال العام هو المال غير الداخل في ملك الأفراد، وإنما يخضع للمصلحة العامة، وذلك مثل المدارس والجامعات والمستشفيات والمرافق العامة ….الخ.

إلى جانب الإضرار بالمال العام توجد جريمة الاختلاس، وهو عمل من أعمال استملاك الأصول غير الشريف من جانب واحد أو أكثر من الأفراد الذين قد عهد بها تلك الأصول، و الاختلاس هو نوع من أنواع الاحتيال المالي.

وهناك فرق بين السرقة والاختلاس ، فجريمة السرقة هي أخذ مال الغير منقول دون علمه أو رضاه، بينما تعد جريمة الاختلاس هي الاستيلاء على المال العام من قبل من أوكل إليه، أو أمر إدارته أو جبايته أو صيانته. ولابد من توافر  أركان أساسية لوقوع جريمة الاختلاس وهي أن يكون فعلا ،ماديا” هو الاستيلاء”، على مال منقول ، بقصد التملك.

ويكفي لتحقق الاستيلاء على الحيازة أن يدخل الفاعل الشيء في حيازته ولو لفترة زمنية يسيره جداً ، فعدم استبقاء السارق ما استولى عليه في حوزته لا ينفي قيام الركن المادي في الجريمة ، فالقانون لا يفرق بين أن يقصد الجاني حيازة الشيء نفسه أو لغيره.

هناك طرق أو مصادر لاكتساب الأموال العامة منها ما يتم بالطرق الطبيعية وأخرى تكون بالطرق القانونية العادية، وتتملكه السلطة الإدارية بإحدى الأساليب القانونية: كأيلولة الأملاك الشاغرة للدولة أو عن طريق الاقتناء وهذا كطريق ودي، أو عن طريق جبري استثنائي كالتأميم والاستيلاء المؤقت ونزع الملكية للمنفعة العامة.

فالحماية الإدارية تقتضي ضرورة التزام الموظفين بالحفاظ على المال العام وصيانته، والتزام الأفراد مستعملي هذا المال عدم الاعتداء والإضرار به أثناء استعماله. أما الرقابة المالية فتمارس من خلال منظومة قانونية ومؤسسات رقابية دورها ضمان حسن تحصيل المال العام وإنفاقه.

وأمثلة إتلاف المال العام كثيرة فالاعتداء ﻋﻠـــﻰ اﻟﻤـــﺎل اﻟﻌﺎم له أﺷـــﻜﺎل ﻣﺘﻌـــﺪدة، أﺑﺮزﻫﺎ اﻹﺗﻼف اﻟﺬي ﻳﺘﺸـــﻜﻞ ﻓﻲ ﻗﻴﺎم ﺑﻌﺾ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺘﺨﺮﻳـــﺐ اﻟﻤﺒﺎﻧـــﻲ واﻟﺤﺪاﺋـــﻖ وأﺛﺎث اﻟﻤـــﺪارس ﺑﺼﻮرة ﻣﺘﻌﻤﺪة، وﻳﺘﺨﺬ اﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﺻﻮراً ﻣﺘﻌﺪدة، ﻣﻨﻬﺎ: ﺗﺸﻮﻳﻪ ﻣﻨﻈﺮﻫـــﺎ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑـــﺔ ﻋﻠﻴﻬـــﺎ، أو ﻛﺴـــﺮها.

يضفي المشرع في مختلف دول العالم إلى حماية خاصة للأموال العامة أو أموال الدولة نظرًا لكونها تعم بنفعها المجتمع كله ويتوقف على حمايتها وصيانتها استمرار عمل المرفق العام بشكل منتظم لخدمة المواطنين. والحماية تأتي وتتعدد  فصور الحماية منها ما يرد في القانون المدني ومنها ما تضمنه قانون العقوبات ،وبعض التشريعات ضمنت الحماية في مواد دساتيرها لأهمية المال العام ولخطورة جرائم التعدي عليه، ولأن  المال العام تتعلق به مصلحة جميع المواطنين ،إذا وجبت حمايته وتشديد العقوبات على من يبذره أو يتعدى عليه بالاختلاس أو السرقة أو الرشوة.

والتفريط بالمال العام يعتبر جريمة وخيانة، وقد حذر الرسول عليه الصلاة والسلام من التفريط في المال العام فقال : ”إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق لهم في النار يوم القيامة ” ( أخرجه البخاري ومسلم ). ويعتبر هذا إنذارا نبويا صريحا لكل من يملكون التصرف في المال العام بدون وعي.

أما عن حكم الاعتداء على المال العام في ديننا الحنيف فقد جاء الوعيد الشديد في ذلك، فعن خولة الأنصارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. رواه البخاري. وفي رواية عند الترمذي: إن هذا المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :