وظيفة القضاء في الدولة هي تطبيق القواعد القانونية لمنح الحماية القضائية لأصحاب الحقوق ، ولكل من وقع عليه اعتداء أو ظلم، وأن ذلك يتم عن طريق محاكم ذات أنواع ودرجات متعددة (جزئية ، ابتدائية ، استئناف ) مما دعت الحاجة إلى وجوب إيجاد جهة تراقب وتشرف على الأحكام التي تصدرها تلك المحاكم لكي يتم هذا التطبيق صحيحا ، وأن يتوحد فهم القانون لديها ، فقد درجت كافة الدول المعاصرة على تضمين نظامها القضائي محكمة تعتلي قمة الهرم القضائي فيها ـــ مع اختلاف المسمى الذي يطلق على هذه المحكمــــــــة ، تمييز ، نقض ، تعقيب ، مجلس أعلى ـــ أوكلت إليها تنفيذ تلك المهمة ، ولم تخرج الدولة الليبية عن هذا النهج ، وقد آثر المشرع الليبي أن يسميها المحكمة العليا.
أما المحكمة الدستورية وتسمى أحيانا المحكمة الدستورية العليا وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، تتحدد طريقة اختيار قضاتها وصلاحياتها ضمن دستور الدولة وتختلف من دولة إلى أخرى، ولكن بشكل عام فإن المحكمة الدستورية هي صاحبة القول الفصل بتوافق أي قرار أو مرسوم أو قانون أو حكم قضائي مع الدستور الذي هو التشريع الأعلى في البلاد ولا يجوز مخالفته.
والحكم الدستورى يصدر من المحكمة الدستورية العليا، ويعد من أهم الموضوعات التي لم تحظَ باهتمام الفقه الدستورى، حتى يستظهر أوجه الخصوصية التي يقوم عليها الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، وكيفية المداولة حوله، وإجراءات إصداره وأساليب هذا الإصدار.
يتم إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية عادة من طريقين الأول هو شك المحكمة بعدم دستورية قانون معين وبالتالي تقوم هي بتحريك الدعوى لدراسة دستوريته، أو يمكن للحكومة أو البرلمان (أو أي جهة أخرى حسب دستور كل بلد) الطعن بدستورية تشريع أو حكم قضائي ما فتقوم المحكمة الدستورية العليا بالنظر في دستورية الموضوع المطعون فيه. كما تختص المحكمة الدستورية بتفسير مواد الدستور بناءً على طلبات تقدم إليها (أيضاً وفق دستور كل بلد) للاسترشاد أثناء وضع المراسيم والتشريعات. أما القضاء الدستوري فيقصد بالقضاء الدستوري المحكمة أو المحاكم التي خصها الدستور – داخل التنظيم القضائي في الدولة – من دون غيرها برقابة دستورية التشريع (قضاء دستوري متخصص) وتكون أحكام المحكمة العليا وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن. يقبل للمرافعة أمام المحكمة العليا المحامون المقبولون أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا.
تختص المحكمة الدستورية دون غيرها بما يأتي: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح الصادرة والمنظمة لعمل السلطة التشريعية على النحو المنصوص عليه في المواد التالية، ولا يجوز لها قبول الطعن بعدم دستورية أي نص قانوني موضوعي أو إجرائي بدعوى مبتدأه إلا من قبل رئيس مجلس النواب، أو عشرة نواب على الأقل، أو رئيس الحكومة في أغلب الدول.
أما عن تأصيل ونشأة المحكمة العليا في ليبيا واستنادا إلى القانون رقم 6 لسنة 1982 م بإعادة تنظيم المحكمة العليا الذي نص في مادته الخامسة عشرة على أن تلحق نيابة النقض بالمحكمة العليا ، ونص في مادته السادسة عشرة على أن تتألف نيابة النقض من عدد كاف من الأعضاء من بين رجال القضاء والنيابة العامة ممن لا تقل درجتهم عن درجة نائب نيابة من الدرجة الثانية. وبناء على ذلك صدر بتاريخ 27/ 11 / 1982م القرار رقم 708 لسنة 1982 بتنظيم نيابة النقض. بين اختصاصاتها ، والقواعد المتعلقة بالتفتيش على أعضائها ، وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة هي التي كانت تحضر جلسات دوائر المحكمة العليا ، ويقوم بذلك النائب العام ، أو من يمثله ـ استنادا إلى نص المادة 14 من اللائحة الداخلية للمحكمة الاتحادية. وأن عدد الأساتذة الذين تم تعيينهم بنيابة النقض منذ إنشائها بعد إعادة تنظيم المحكمة العليا خلال سنة 1982م ـ إلى الوقت الحاضر ـ لا يتجاوز عددهم (127) عضوا ، وأن الأساتذة الذين تناوبوا على رئاسة تلك النيابة منذ إنشاء المحكمة العليا قد بلغ عددهم (4) رؤساء ، أما الذين تناوبوا على رئاستها بعد إعادة تنظيم المحكمة العليا خلال سنة 1982م فقد بلغ عددهم (7) رؤساء .
إذاً من أهم اختصاصات المحكمة العليا الليبية؛ هو أنها تختص المحكمة العليا دون غيرها منعقدة بدوائرها المجتمعة برئاسة رئيسها أو من يقوم مقامه بالفصل في المسائل الآتية: أولا، الطعون التي يرفعها كل ذي مصلحة شخصية مباشرة في أي تشريع يكون مخالفا للدستور. ثانيا، أية مسألة قانونية جوهرية تتعلق بالدستور أو بتفسيره تثار في قضية منظورة أمام أية محكمة.
فالمحكمة العليا الليبية أو المحكمة العليا في ليبيا أو المحكمة العليا بليبيا هي جهة تراقب وتشرف على الأحكام التي تصدرها المحاكم الليبية بهدف توحيد فهم القانون وتطبيقه وتفسيره بشكل صحيح، وذلك انطلاقا من وظيفة القضاء في الدولة وتطبيق القواعد القانونية لمنح الحماية القضائية لأصحاب الحقوق، ولكل من وقع عليه اعتداء أو ظلم، ويجري ذلك عن طريق محاكم ذات أنواع ودرجات متعددة (جزئية وابتدائية واستئناف ).
وبحسب النظام القضائي تعتبر المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية في ليبيا.
يجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا لها أن تنقض حكم الاستئناف وذلك
بعد صدور الحكم من محكمة الاستئناف يكون الحكم نهائيا إلا أنه يمكن أن يرفع المدعي الاعتراض أيضا بنقض الحكم لدى المحكمة العليا ويكون خلال ثلاثين يوما من إصدار حكم الاستئناف.
وتتبع الجمعية العمومية للمحكمة عدة مكاتب وهيئات منها مكتب المراجع الداخلي والهيئة القضائية ومكتب شؤون رئيس المحكمة والمكتب الفني والأمين العام حيث تخضع هذه المكاتب والهئيات لإشراف رئيس المحكمة العليا، وتشرف هذه المكاتب على دوائر المحكمة ونيابة النقض ومجلة المحكمة وموسوعة قضاء المحكمة وقسم إصدار مجموعة الأحكام وقسم إصدار الأحكام في إطار منظومة إلكترونية وقسم البحوث والكتب وقسم المكتبة والموقع الإلكتروني، ويشرف الأمين العام للمحكمة على إدارة الشؤون الإدارية ومكتب التفتيش والمتابعة وإدارة الشؤون المالية ومكتب المعلومات والتوثيق وإدارة التوثيق وإدارة التسجيل.