المدارس الأفريقية بسبها غير معتمدة !

المدارس الأفريقية بسبها غير معتمدة !

تقرير :: زهرة موسى

يقاسي الطلبة بالمدارس الأفريقية بسبها ، من مسألة عدم اعتماد مدارسهم ، فالطالب يدرس و يحاول رسم مستقبله الذي ينتظره بعد دراسته و تخرجه ، ثم يكتشف بأن شهادته غير معتمدة ، و أنه لا استكمال لدراسته بعد المرحلة الإعدادية بسبها لأن المدارس الأفريقية الموجودة بالمنطقة تدرس حتى نهاية الإعدادية ، والطالب بعد هذه المرحلة لا يستطيع مواصلة الدراسة فعليه إما أن يتوقف عن الدراسة أو أن يعودوا لأوطانهم .

أنْشِئَتْ المَدْرَسَة مُنْذُ “العَامِ 2003 ” و بَدَأنَا بِطَاقَمٍ قَلِيلٍ جِدّا ، حَيْثُ كُنّا ثَلاثَة مُدَرِسّينَ فَقَطْ

رصدت فسانيا خلال هذا التقرير آراء مديري المدارس ، الطلبة ، و بعض الجهات المسؤولة: نشأة المدرسة قالت ” سعدية موسى محمد صالح ” مديرة مدرسة الأفريقية بسبها المهدية ” أنشئت المدرسة منذ “العام 2003 ” و بدأنا بطاقم قليل جدا ، حيث كنا ثلاثة مدرسين فقط ” أحدهم من مالي ، و الآخر نيجري الجنسية و أنا ” و كنا جميعنا نحمل شهادات و متخرجون من الجامعات فبعضنا كان يحمل شهادة بكالوريوس و الآخرين كانوا أساسا مدرسين في بلدانهم ، والمدرسة في بداية إنشائها كانت ابتدائية فقط حيث تشمل السنوات الثلاث الأولى من التعليم الأساسي ، وعدد الطلبة أيضا كان قليلا ، و لكن بعد عدة أعوام سافر أحد المدرسين ” مالي الجنسية ” و عاد إلى موطنه وهنا واجهتنا مشكلة حيث وقعت مسؤولية أكبر على عاتقنا أنا و الأستاذ الآخر ، و بالرغم من الصعوبات الشتى التي مررنا بها إلا أننا استطعنا تطوير المدرسة و استقطاب عدد مدرسين و طلبة أكثر، و اليوم نحن ندرس من الروضة حتى الشهادة الإعدادية .

 نَطْمَحُ الآنَ إلَى أَنْ تَتَوَحّدَ جُهُودُ مَدَارِسِ الجَالِيَة الأفْرِيقِيّة الثّلَاث بِالمَدِينَة

أضافت ” حاولت في بداية العام 2012 أن أحصل على إذن للمزاولة حتى أعتمد المدرسة بشكل رسمي ، و تصبح تابعة للتعليم الليبي التشاركي ، فوجهت حينها رسالة إلى المجلس الانتقالي ، و كذلك القنصلية التشادية أرسلت لها خطابا ، و هم أيضا ردوا على خطابي و أرسلوا لي رسالة و طلبوا مني الذهاب للمجلس الانتقالي ، و كذلك وزارة التعليم ، و بالفعل ذهبت إلى المجلس و هم بدورهم أعطوني رسالة و طلبوا مني الذهاب إلى التعليم ، قال لي مسؤول التعليم حينئذ إنه لا يستطيع منحي اعتمادا للمدرسة ، و لكن طلب مني الاستمرار في العملية التعليمية و موافاته بملفات الطلبة للسنوات الماضية ، و بما أن الأوضاع لم تستقر بعد في البلاد فيمكنك الاستمرار في العمل و تكملي إجراءاتك فيما بعد ، و بالفعل استمررنا في العمل حتى الآن و بدون أي اعتماد ، وكل تلك الرسائل موجودة وموثقة عندي حتى هذه اللحظة .

هل توجد مدارس ثانوية لتعليم اللغة الفرنسية بحيث يكمل الطلبة تعليمهم؟

لأنه كما ذكرتي خلال الحديث أن مدرستكم تدرس حتى الشهادة الإعدادية ، فما مصير الطلبة بعد ذلك في حال عدم وجود مدارس ثانوية؟

أوضحت ” المدرسة معتمدة من قبل الدول الأفريقية مثل ” القنصلية التشادية و القنصلية النيجرية ” قد اعتمدوا المدرسة ، و بالتالي في حال رغبة الطالب في استكمال دراسته ، فإنه إما أن يتوجه إلى طرابلس ليدرس هناك أو أن يعود إلى موطنه ” النيجر ، و تشاد” و غيرها ، فهناك العديد من الطلبة الذين استكملوا دراستهم في النيجر و تشاد و أنا شخصيا على تواصل معهم ، فمنهم اليوم من يدرس بالجامعة ، و منهم من تخرج منها ، و منهم من هو مقبل على الدخول للجامعة ، و أضافة إلى هؤلاء هناك طالب ليبي درس بمدرستنا ثم واصل الدراسة بقسم الفرنسية بكلية الآداب جامعة سبها ، وهو الآن يدرس بفرنسا. الصعوبات التي واجهتكم أفادت ” نحن كمدرسة فرضنا رسوما بسيطة رمزية على أولياء أمور الطلبة ، و ذلك لتغطية مصاريف المدرسة ” رسوم

 مُؤَخّرا زُرْنَا أنَا وَ الْقُنْصُلُ النّيْجَرِيّ وَ الْقُنْصُلُ التّشَادِيّ المَجْلِسَ البَلَدِيّ

الاستئجار ، نؤمن بها أدوات و قرطاسية مدرسية ، و بعض الاحتياجات للمدرسة ” ، الهدف الأساسي هو احتضان الأطفال و تعليمهم ، لاستخراج جيل واعٍ ينفع المجتمع و ينفع نفسه ، عدم تركهم في الشارع ليصبحوا مجرمين و يصبحوا عالة على المجتمع ، فهؤلاء يعتبرون ليبيا بلدهم ، فالبعض ولد هنا ، و الآخر يعيش في ليبيا منذ زمن بعيد ، فإذا قمنا بتعليمهم ، فإنهم سيكونون الفئة الصالحة ، التي تساهم في استقرار البلد بدلا من استخراج جيل يساهم في نشر الجريمة .

تابعت ” أيضا من بين الصعوبات التي تواجهنا نقص الكثير من المعدات و الأدوات و الأثاث ، فنحن لا زلنا نستعمل سبورات الطباشير في بعض الفصول حتى الآن ، و لكن هذا العام تحصلنا على بعض الدعم كما ذكرت من اليونيسيف بتوفير بعض الكتب و الأدوات المدرسية التي وزعت على أطفال المدرسة .

هل سبق وتعرضتم لاعتداءات على المدرسة أو على الطلاب ؟

خاصة أننا دائما ما نسمع بالاعتداء على المؤسسات التعليمية بسبب غياب الأمن ؟ أشارت ” في السابق عندما كنا في المقر الأول للمدرسة تعرضنا للعديد من الاعتداءات على المدرسة ، و لكن الآن منذ أن غيرنا المقر، الحمد لله لم تعد هناك اعتداءات على المدرسة .

ماذا عن الجهات الداعمة ؟ هل هناك أي جهات قدمت دعما للمدرسة سواء إن كانت ليبية أو أجنبية ؟

أعربت ” جاءتني عدة منظمات ساعية لتقديم المساعدة ، و كانت جلها تطلب مني الترخيص ، و هذه من أكبر المشكلات التي واجهتني ، عدم حصولي على ترخيص للمدرسة ، بالرغم من وجود إذن المزاولة ولكن هذا الإذن لا جدوى منه إذا لم أحصل على ترخيص ، إلى أن عثر علينا الدكتور ” الطيب ، من اليونيسيف ” و قدم لنا الدعم اللازم ، و أشكره شكرا خاصا على جهوده المبذولة ، هو وكل من كان معه فلا يزال حتى هذه اللحظة يتواصل معنا و يبحث عن حلول لمشاكلنا فله منا كل الشكر و التقدير ، و كذلك الشكر موصول لبلدي سبها و لجنة البلدية الصديقة للطفل على توزيع القرطاسية في بداية العام ، وعلى جهودهم الدائمة لدعمنا .

أين وصلتم في مساعيكم للحصول على اعتماد للمدرسة ؟ ذكرت ” مؤخرا زرنا أنا و الكونغرس النيجري و الكونغرس التشادي المجلس البلدي و تحدثنا مع عميد البلدية بالخصوص ، و أطلعناه على كل المستندات التي بحوزتنا ، وهو تحدث أمامنا مع وزير التعليم بالعاصمة طرابلس ، وهو بدورها أفاد بأنه لا مانع لديهم ، في مساعدتنا و تذليل الصعاب أمامنا .

بالنسبة للمنهج الدراسي هو وفق منهج أي بلد ؟

أظهرت ” بالنسبة للمنهج هو موحد لكافة الدول التي تعلم الفرنسية ، و لكن الفرق الوحيد هو في مادة الجغرافيا فكل بلد تهتم أكثر بجغرافيا ذلك البلد فقط ، و نحن نؤمن المنهج من دولة تشاد ، و لهذا يعتبر هذا منهج تشاديا ، و حتى الآن يعتبر الطلاب يدرسون موادّ عامة ، وليست محددة بتخصصات ، و أطمح ما إن أحصل على اعتماد للمدرسة ، إلى فتح مرحلة ثانوية بالمدرسة .

هل هناك جهات معينة تؤمن لكم المنهج المدرسي سنويا ؟

بينت ” الآن تواجهنا صعوبة في توفير المنهج ، فليس هناك أي جهة متكفلة بتوفير المنهج ، بل أقوم بشرائه بجهود ذاتية ، و أحيانا يحاول بعض المدرسين مساعدتي بمبالغ بسيطة لشراء المنهج ، و بالتالي نقوم بتصوير الكتب أيضا بجهودنا الذاتية و توزيعها على الطلبة .

 الآنَ تُوَاجِهُنَا صُعُوبَة فِي تَوْفِيرِ المَنْهَجِ ، فَلَيْسَ هُنَاكَ أيّ جِهَة مُتَكَفّلَة بِتَوْفِيرِ المَنْهَج.

حاليا كم يصل عدد الطلبة بالمدرسة و المدرسين ؟

نوهت ” في السابق كان عددهم يصل إلى 317 طالبا ، و لكن في آخر إحصائية قمت بها وصل عدد الطلبة إلى 155 إناث و 125 ذكور ، و لكن حاليا أيضا هناك تقلص في عدد الطلبة ، فأغلبهم عادوا إلى موطنهم ، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية و المعيشية ، و أما بالنسبة للمدرسين فيصل عددهم إلى 11 مدرسا تقريبا ، مقسمين على دوامين ، و اغلبهم يدرس في دوامين صباحا و مساء ، و عدد الفصول يصل إلى 5 فصول ، بدون إدارة للمدرسة ، بسبب ضيق المبنى ، لا يوجد إدارة و لا حتى مخزن ، فأغلب الأوراق و المستندت آخذها معي إلى المنزل لعدم وجود ، مكان في المدرسة ، و أحتفظ بالكتب و بعض الأدوات بشرفة المدرسة لأنه لا يوجد مكان لوضعها به . النشاط المدرسي ذكرت ” نقوم بمسابقة دراسية في المدرسة ربما أكثر من مرة في العام الدراسي الواحد ، و ذلك لخلق دافع للطلبة الذين تعتبر مستوياتهم أقل من غيرهم بحيث يشاركون في المسابقة و خلق روح التنافس بينهم . استرسلت ” نطمح الآن إلى أن تتوحد جهود مدارس الجالية الأفريقية الثلاث بالمدينة ، و نتعاون مع بعضنا بتوحيد المنهج ، و نتضامن مع بعضنا لتوفير حياة تعليمية جيدة لأبنائنا ، كما أطمح إلى إنشاء فرع لتعليم الإنجليزية ، بالرغم من أن الطلبة بمدرستي يدرسون الإنجليزية من الصف الخامس الابتدائي ، كما يتعلمون أيضا العربية و التربية الإسلامية . ختمت” أسعى لحماية مستقبل هؤلاء الأطفال ، فالإنسان المتعلم يعتبر مكسبا لأي بلد يتواجد به ، و أيضا أتمنى من الجهات الليبية ذات الاختصاص دعمنا و مساعدتنا للحصول على اعتماد للمدرسة فنحن لا نطلب

الكثير بل فقط نحاول أن نؤمن مستقبل الطلبة فبدون الاعتماد لن يكون لهم أي مستقبل هنا . أفاد ” سعينا كثيرا لدعم مسألة إنشاء هذه المدارس و الاهتمام بها ، و خاطبنا عميد البلدية مؤخرا لإيجاد حل لمشكلة اعتماد هذه المدارس ، و هو أيضا تعاون معنا بشكل كبير حيث تواصل مع الجهات المعنية لإيجاد حل لهذه الإشكالية ، و نسق للقاء يجمعنا بالجهات المعنية ، و التقينا بهم و كانت معظم الجهات لا تمانع في اعتماد المدارس ، ماعدا المنسق مع التقويم والقياس ، قال بأنهم لا يمكن أن يعتمدوا هذه المدارس ما إن لم تكن معتمدة مسبقا من دولها ، و مباشرة بعد هذا الحديث قمت بالحديث مع مسؤول بالسفارة التشادية و أوضح كيفية تبني الموضوع و حل الإشكالية ، وطلب أن تصله رسالة من مديرة المدرسة تصف فيه معاناة المدرسة ووضعها بشكل عام ، وكيفية أن الطالب يدرس تسع سنوات من عمره ، ثم في نهاية المطاف شهادته تعتبر غير معتمدة ، فهنا نحن نكون ضيعنا مستقبل هؤلاء الطلبة ، فهم لا يستطيعون تكملة دراستهم لأنهم لا يحملون شهادات معتمدة من أي دولة ، إضافة إلى رسالة من الجالية الأفريقية ، و نحن ساعون حاليا لحل هذه الإشكالية . لماذا لم تقم المدارس بحل هذه المشكلة منذ بداية تأسيسها ؟ أفاد ” كان على المدارس محاولة حل هذه المشكلة منذ البداية ، و لكن هناك نوع من الإهمال من مديري المدارس فهم لم يتوقعوا حجم المشكلة التي سيصلون إليها، ولم يتوقعوا بأنهم سيصلون إلى طريق مسدودة ، و سوء إدارة أيضا ، و لكن نتمنى الآن أن يتم حل هذه المشكلة لأن المسألة تتعلق بمستقبل الطلبة . ختم ” التعليم حق لهؤلاء الأطفال فحتى إذا لم يكونوا ليبيين ، فنحن عشنا هنا في ليبيا أكثر مما عشنا في بلداننا الأصلية ، و أنجبنا أطفالنا وهم ترعرعوا هنا فمن حقهم أن يتعلموا فلماذا نحرمهم من حقهم . ذكرت” عائشة علي ” طالبة ” درست في إحدى المدارس الأفريقية حتى نهاية المرحلة الإعدادية وكنت طالبة مجتهدة ودائما ما كنت أتحصل على التراتيب الأولى بالمدرسة ، ولكن الآن توقفت عن الدراسة ، لأنه لا توجد مدارس أفريقية تدرس المرحلة الثانوية ، و لا يمكننا الدراسة بالمدارس العربية ،و كذلك شهاداتنا تعتبر غير معتمدة فلهذا لا يمكننا الدراسة في أي مكان آخر فلهذا أنا الآن أجلس بالمنزل منذ أكثر من عامين و لا أعلم ما هو مصيري ، و هناك الكثير من الطلبة في نفس وضعي ، أتمنى أن تحل هذه المسألة و أن يتم اعتماد مدارسنا أو أن

يتم افتتاح مدارس ثانوية هنا بسبها . أشار ” محمد موسى ” طالب ” أدرس بالمدرسة الأفريقية ، منذ سبعة أعوام ، ولكن أنا الآن أفكر ما هو مصيري بعد عامين ، هل سيكون كزملائي السابقين بأن أذهب للبحث عن عمل كالبيع في المحال أو العمل في إحدى الورش، فمن الصعب جدا على عائلتي أن تؤمن لي مصاريف للسفر إلى النيجر أو تشاد لاستكمال دراستي هناك ، فلهذا أتمنى أن تحل مشكلة اعتماد المدرسة بشكل سريع .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :