فسانيا :: محمد عينين
باتت الهجرة إلى أوروبا حلما يراود الكثيرين بأفريقيا، حيث يعيشون في دول نامية و فقيرة ، محرومون من أبسط سبل العيش ، فيدفعهم الحلم و البؤس لخوض المغامرة في جنون البحر بركوب قوارب الموت .. التي تغدو في اعتقادهم السبيل الوحيد للنجاة من واقعهم الأليم .
هاجر ثم هاجر ثم هاجر : “
هاجرت إلى أوروبا مطاردا أحلامي ، ولكنهم رحلوني إلى بلدي ، فأصررت على العودة مجدد لإكمال حلمي المبتور ” هكذا بدأ المهاجر طارق أحمد الشاب الثلاثيني مصري الجنسية حديثه .. حيث خاض مغامرته في قوارب الموت إلى أوروبا ، باحثا” عن حياة أفضل ، وبيئة خصبة تساعده على تحقيق أحلامه ، ضاربا بعرض الحائط خوف عائلته عليه من السفر وعبور البحر ، فهو قد اختار خوض غمار المجازفة عله يحقق في أوروبا ما عجز عن تحقيقه في وطنه.
سيسليا وخيبة مهاجر
أفاد طارق ” بدأت رحلتي في العام 2007 ، في قوارب صغيرة حيث يتم رص الأشخاص فوق بعضهم البعض ، بعد أن قبض تجار البشر ثمن عبورهم ، تحرك القارب فوق الموج ، بالرغم من أن الكثير من الركاب لا يفقهون شيئا” عن السباحة .
أضاف ” انطلقت الرحلة بنا ، وكانت قبضة البرد تزداد كلما توغلنا أكثر في البحر ، وبدأ تقاذف الموج علينا ، تحملنا كل هذه المشقة لنبلغ بر الأمان ، وبعد رحلة دامت لأيام وصلنا أخيرا إلى شواطئ جزيرة سيسليا الإيطالية.
وأردف طارق ” عند وصولي إلى إيطاليا تلقيت المساعدة من منظمة الهجرة الدولية و تم وضعي بمركز للمهاجرين هناك ،و بقيت في إيطاليا لمدة عام ونصف وطوال تلك الفترة لم أتحصل على وظيفة ، ولا على أي فرصة للعمل وذلك نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية في تلك الفترة فقررت المغادرة إلى بلد آخر.
فنتمليا و غابات بريطانيا ملجأ الحلم ..
و أعرب” بدأت رحلتي عبر منفذ مدينة فنتمليا الحدودية ، ووصلت إلى فرنسا ،كان قريبي مقيما في باريس، بقيت عنده ، لقد ساعدني كثيرا ، وعلمني اللغة الفرنسية ، ولكن لم أتحصل على فرصة عمل رغم بحثي المتواصل ، و كنت أقضي معظم الوقت حبيس المنزل.
تابع ” تعرفت مصادفة على أحد المهاجرين من دولة الصين ، وكان يريد الذهاب إلى بريطانيا ، فقد سبق له أن تمكن من الدخول إلى بريطانيا بطريقة غير شرعية ، ولأنني لم أجد عملا” هنا قررت مرافقته إلى بريطانيا ، وتمكنا من الدخول إلى بريطانيا عبر الغابات التي كانت تكتظ بالمهاجرين ورغم وصولنا إلى هناك إلا أن السطات البريطانية تمكنت من القبض علينا.
انتحالي للجنسية الفلسطينية.
أفاد طارق ” في بريطانيا قمت بانتحال الجنسية الفلسطينية ، مما جعلني طالب لجوء بمدينة نيوكاسل لمدة 4 سنوات ، و لكنني لم أتحصل على الجنسية البريطانية ، بالرغم من زواجي من إنجليزية ، لأن الدولة البريطانية لا تسمح للمهاجرين بالبقاء على أراضيها لغير النظاميين ،حيث تم ترحيلي لاحقا” لدولة مصر.
ذكر ” كان سبب ترحيلي مشاجرة حدثت بيني و بين شخص في أحد المقاهي ،مما دفعه للوشاية علي بأنني لست مواطنا فلسطينيا ،وكان التأكد من ذلك أمرا سهلا جدا بمجرد العودة إلى السفارة المصرية ، و بذلك خيرت ما بين السجن لمدة 6 سنوات أو الترحيل لدولة مصر فاخترت الثاني.
قلب قيد الهجرة !
تابع طارق حكايته قائلا” : ” قضيت بمصر 3 سنوات ، ولكن الخلاف العائلي أجبرني على العودة إلى حلم الهجرة إلى أوروبا من جديد، و بالفعل بدأت رحلتي الطويلة بالسفر نحو السودان عبر الصحراء في رحلة استغرقت 14 يوما ، و من ثم إلى تشاد وأخيرا وصلت إلى ليبيا ، وتحديدا في الجنوب الليبي في انتظار مواصلة الرحلة إلى أوروبا ، وذلك على الرغم من وجود بصمة اليد التي تمنع جل المهاجرين من التنقل بحرية داخل الأراضي الأوروبية و لكن لا يزال لدي بصيص أمل.
ختاما قال طارق : ” قد تقضي عمرك لاهثا” خلف أحلام قد لا يحالفك الحظ بتحقيقها ، و لكن أن تحاول و تفشل أفضل بكثير من أن تندم على عدم محاولاتك بعد فوات الأوان.