وجع البقاء
غادرتهم دون وداع مخافة أن يهطل دمعهم العزيز على قلبي وأنا أتسرب من لحظة أتساع المكان وضيقه وحقيبة ممددة على أجمل بقاع الأرض في عيني التي تحاول بشتى الطرق الاحتفاظ بدمع يريد أن يغالبها وينزل الخطى تتثاقل وهي تمارس عد الخطوات الفاصلة بين الأمكنة التي احتوت كل شيء ولم تترك لي شيء في ظل روح كل ما تشتهيه أن تلمح في الأفق ضوء يعيد للمكان وهجه الضائع تسللت الى المطار والحكايات تحاول اللحاق بي وهي تتسأل دون توقف عن حال الباقين هناك في أرض تتسع للوجع وتضيق بالخير والأجوبة كالعادة محبوسة في خبر كان وفي حدقة العين تسكن كل تفاصيل الذين سمعت عنهم أو قابلتهم وهم يشكون وحشة المكان وضيقه رغم اتساعه وأنا فاقد للإجابة كما أنا فاقد للحرف الذي يستطيع وصف الحال بما يليق به الشخوص الجميلة ترافقني في حلي وترحالي والصغيرة جنى التي ترقد في مستشفى متهالك ووزارة صحة لا تحمل من الصحة إلا الاسم وجنوب هو خارج تلك العصابات المرتزقة التي تسمي نفسها بالحكومة وآخر اهتماماتها جنى وما تعانيه ومن يقع ضحية المرض لا خيار له سوى شد الرحال الى بلدان صارت تضيق في خناقها على المواطن الليبي البائس وتفرض عليه تأشيرة لتزيد من حدة وجعه وهو الحالم بعيش ما تبقى له من عمر في ظل صحة وعافية الحديث ذو شجون حين يتعلق بالوطن والمواطن الغارقان حد الوجع في متاهة لها أول وليس لها آخر رغم الرحلات المكوكية التي يمارسها من نسميهم بالسياسيين والناشطين الباحثين عن نقطة ضوء لهم وليست للوطن قارئ العزيز في فسانيا الجميلة التي تكابد كل أسبوع من أجل الصدور هي الأخرى تستحق الدعم لأني أؤمن أن الصحيفة مثل المدرسة لها دور تنويري يقع على عاتقها ولكن السؤال لا يغادرني لماذا تمارس هيئة الصحافة غيها على الجميلة فسانيا وتمارس البذخ على مثيلاتها من طباعة ملونة وترك فسانيا غارقة في الحبر الأسود ؟
أنا على قناعة تامة أن الأسئلة تموت كما يموت الإنسان بشكل بشع في بلد أسمه ليبيا …
عثمان البوسيفي