” ثلاثية الوجع ثلاثية ” الورم المليشاوي ـ فقدان السيادة – أزمة الوقود “

” ثلاثية الوجع ثلاثية ” الورم المليشاوي ـ فقدان السيادة – أزمة الوقود “

جمال شلوف

حين يُعالج الورم السرطاني (عافاكم الله) في بداياته، يكون تاثير استئصاله عن الجسد ضعيف نسبيا.

لكن لو ترك هذا الورم يكبر وينتشر ويتوسع يكون حتى في استئصاله وعلاجه ليس استئصال احزاء من اعضاء الجسد، بل حتى خطر كبير على الحياة والوجود.

كذلك الورم المليشياوي الذي كبر وانتشر واستفحل، حتى صار هو الحاكم الفعلي والمتحكم في كل القرارات ومناحي الحياة، في العاصمة ومناطق اخرى. وصلت إلي استفحال التدخل الاجنبي الذي تحالف مع هذه المليشيات وتحكم بها وادارها مما اوصلنا لحالة متقدمة جدا من فقدان السيادة. لا يمكن الأن الحديث عن استئصاله دون اضرار كبيرة، ومخاطر وجودية.

#الازمة_امنية

لطالما كان اصحاب القرار الدولي، يعلمون بحقيقة الازمة في ليبيا، بانها في أساسها مشكلة أمنية، سببها وجود هذا الورم المليشياوي متحكما بالقرار السياسي والمال.

لكن استراتيجيتهم في ادارة الأزمة، عملت على تعميق الورم واستفحاله، من خلال تحديد الصراع في انه سياسي حول السلطة التنفيذية.

واليوم ومع تكاثر المسببات من ازمة الطاقة العالمية، ووصول المواجهة الامريكية الروسية إلي نقطة قريبة من الصفر، والاستعداد للحرب على ايران في الخليج، ومسببات اخرى تتعلق بالجغرافيا السياسية والانهاك الروسي الحالي.

صار لزاماً على المجتمع الدولي ان يسعى ل #فرض_استقرار في ليبيا غصبا عن الجميع بما فيها الاطراف الليبية

لذا يتجه الراغبون في فرض هذا الاستقرار إلي أُس المشكلة واساسها وهو استئصال الورم المليشياوي من جسد الوطن.

والأستئصال هنا لن يكون بسبطا او سهلا، بل يحتاج ترتيبات أمنية واقتصادية وحتى سياسية دولية. سنخوض هنا في جانب واحد منها في الفقرة التالية.

#تجفيف_منابع_تمويل_المليشيات

ولايخفى على أحد ان تهريب الوقود والتعامل مع مافيا الوقود الدولية والاقليمية هو احد اهم مسارب تمويل نسبة كبيرة من المليشيات الكبرى. بسبب الارباح الصخمة التي تصل إلي 5000٪ بسبب الفرق بين سعر الوقود بين ليبيا والدول المجاورة وغير المجاورة الذي يتجاوز 50 ضعف سعره المدعوم في ليبيا.

وبسسب فقدان السيادة تماما على القرار الليبي، تم اتباع استراتيجية تقليل استيراد الوقود التي تم العمل عليها مؤخراً، وظهرت مؤشراتها واضحة في نقص الوقود المتوفر في السوق الليبي، وظهور سوق سوداء للوقود داخل ليبيا. هي في واقعيتها جزء من تجفيف منابع تمويل المليشيات لارغامها على تقليل عدد منتسبيها او القبول ببدائل لحل نفسها.

لكن الامر الان يتجه إلي مزيد من التشديد والتضييق الذي كان احد مؤشراته ألغاء استيراد الوقود بالمقايضة مع النفط الخام، والذي سيسبب ازمة خانقة خلال المدة القليلة القادمة، خاصة في ظل تشدد الرقابة الدولية على الترتيبات المالية، ومنع الصرف بخلاف البند الاول (المرتبات) والضروري من البند الثاني ضمن آلية 1/12 لعام 2023 في ظل عدم اعتماد ميزانية. وهو الامر الذي حاول الدبيبه التلاعب عبره من خلال صرف اكبر مبلغ ممكن في ترتيبات شهر 12 من عام 2022، ليكون اخر مال يمكن صرفه بعيدا عن الاشتراطات الدولية المتشددة.

#رفع_الدعم

وهنا يوجد تساؤل مهم

فلماذا لم يتم تطبيق رفع الدعم عن الوقود كلياً او جزئيا؟ بدل التضييق بالمنع شبه الكامل لاستيراد الوقود؟ خاصة وان وزارة اقتصاد الدبيبه قدمت دراسة بالخصوص منتصف العام الماضي؟

الواقع ان هذا لن يوقف التهريب بشكل كبير، فتحكم المليشيات في مراكز القرار يمنحها فرصة الحصول على الوقود الحكومي مجانا عبر (كوبونات الوقود)، وبالتالي استمرار تمويل نفسها ولو بشكل جزئي.

إن ترك الورم المليشياوي ينمو ويستفحل خلال السنوات الماضية، يجعل من عملية استئصاله تعود بالوجع والالم والمعاناة على كل سائر الجسد الليبي.

ولن تكون ازمة الوقود الخانقة هي العارض الوحيد الذي ستتسبب به عملية استئصال هذا الورم السرطاني.

*ملحوظة

هذا التقرير هو قراءة تحليلية، تعتمد على المتابعة والاستقصاء، وادوات التحليل، لكنها تظل مجرد قراءة وتوقع.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :