خاصرة التّوهج

خاصرة التّوهج

بقلم :: عبد السلام سنان

على ضفافِ جزيرةٍ بلّورية، يتصلب جسدكِ الفضي عاريًا أمام مرآة انتظاري الممل، ترشدني إليكِ أفخاذ الليل الصقيلة ، تتمردُ أصابعي الهاربةُ إلى عطركِ، تُغادرني كفي دونما استئذان، أتصفّحُ كل ليلةٍ وجعي المتفاقم في وهادِ روحي وتنبجسي أنتِ من ذاك الضُحى البعيد، أترصدُ ظلالكِ بوهنِ عمري، عنيفًا ربيعكِ، صارخ الفتنة، صاهلة بالعُواء اللذيذ، متغنجة بالنضج الوفير، وأناء أنوء بهمي الثقيل، ألجُ إلى أعتابكِ كدرويشٍ يتغنى بشطحاته الصوفية، يهُبُّ على ملحمة حبيبته، فأنا وأنتِ بقايا ضباب محموم برهبةِ الشوق، يدعونني صمتكِ الجليل لأبزُغ كقمرٍ مُراهق، تَعِبَتْ أحلامنا، وقصائدي إليكِ مُهاجرةُ، بين رُكام الدهور تستفيق على دربي المسحور، تنتفضُ مدائني الحُبلى بالأحلام وتفاحة السقوط إلى جاذبيةِ حبيبتي التي نأتها المسافات، في غفلةٍ من شمسِ الضُحى سأكتبكِ على خاصرة وجعي، يغمرني السهر، يقطرني إلى فضاء لا يتسعُ إلاّ لنا، أنا وأنتِ، سئمتُ قسوة المسافات، كيف أختصرها ؟ وأتوحدُ بكِ، وأمتطي صهوة النسيان إلاّ منكِ، يفتقدكِ نبضي حينما لا تحتسي معي قهوتي الخالدة، كيف لا أشتاقكِ ؟ وكل عمري ومدني باتت ليل مديد، أرضختُ مشاعري عُنْوةً، كي تحفل بكِ كل ثانية، ِما عدتُ أغفو دون حُلُمٍ يهرب بي إليكِ فأعانق روحي وأواسيها، ليتني فراشة ناعمة ترتطم بإقليدكِ الثلجي، فما عادت حواسي بوصلتي المقتفية أثركِ، وعلى حين غرةٍ جاء المخاضُ لأحلامي الواهنة، عصف بها، تساقطت من رحم التّمني، ليس سوى ظلّكِ الملفوف على هيكلي يواسيني في اغتراب لحظاتي، أحاكي كومةً من مذكراتي الباهتة، هل ما زال زورق صبركِ يمخرُ عُباب أوجاعي ؟ أيتها النابضةُ في ضفيرة الضوء كم أفاخر بكِ مساءاتي الفاخمة باللهفة إليكِ، من غيري خُلق ليحتويكِ وأنا اللاجىء إلى نبضكِ وشهقتكِ المعتّقة، أسندُ ظهري على ناصية حقلكِ الباذخ بالقمح الشهي، وتظل تصفعُني ذكرياتكِ حين يبزغ وجهكِ المكنون الألِقْ، نذرتُ روحي لذكراكِ، زرعتُ في حقل اشتياقي ألفُ حرفٍ بكِ يبتهل، وفي كفي يحترق ويتوهج، قصائدي إليكٍ أكتبها يا سيدتي جواز سفرٍ أزلي الصلاحية، للمرور إلى شواطىء بهجتي، أسكُبُ حرفي المخضّب بالشوق في جِرابِ لهفتكِ، أنعشُ وحدتي بذكرى أمسٍ يرْبتُ على كتفِ الحنين، هي السنابلُ وحدها التي على هامتها بقت تحفظ وجه الأمل وملامح رجائي المستطاب، رفعتُ هاجسي وسط سلال فاكهة لم تنضج بعدُّ، ما ألذُ خصر المسافة البعيدة بيننا، دعيني أتبعثر في طينِ غدكِ المالح، أهرب إليكِ أتشظى لأجلكِ، أسقط في سُكْرِ الروح، أنضجي على ضفافِ شفتي، ألثمي شهوة عنب الخريف، خربشي رعشة عطري المجيد، أفكُّ أزرار ليلكِ الوئيد، أبتلُ من عرق نهدكِ النافرللبزوغ، لئلا أبيد مع سراب الظمأ العنيد، أنا من علمكِ كيف تشعلي حُلمكِ الباهر السعيد على وسادة الحنين، سعفي الأخضر يشتهي فسائلكِ، يعصرني الشوق اللاهب في وجدان قصائدي، حينما أذعنتُ لدمعكِ الهاطل بكحلها البدوي، على سطوري الجائعة وانصياعي لعبرتكِ لأجل طفلة بداخلكِ، تمتلىء لحظاتي بالحمق المدلل، هيا تسلقي كل حيطاني اللاهفة لعطركِ، قبل أن تتهرى أوهامي وقبل أن تصدأ أحلامي الممتلئة بتفاصيلكِ وعطركِ، ترجّل يا كبريائي فالليلُ طويل والوجع ينشر أجنحته، كم كنتُ أسافرُ بين اصابعكِ دون عودةٍ، سيأفلُ خريفكِ الذي زرع بداخلي أجمل الهمسات، هل لي بجرعةٍ من أنفاسكِ ؟ وكوب من همسكِ الشفيف ليهدأ ضجيج الحنين بداخلي، تنزّهي على ضفافِ وحدتكِ، مرّغي رأسكِ في وسادة انتظاري، إلى متى ستظلي ترفلين على هامش قصيدي ؟ تأخذينني إليكِ في رشفة روحكِ، بشهقةٍ تخترقُ ريح العتاب، الغياب يا سيدتي يقتاتُ على بقايا أرواحنا الهشّة، وملامح ليلنا التي تئنُ، كم مكثتُ خلف ظلكِ الموارب وبين أحلامكِ يُصارعني عقيم اللغة والكلمات، حين أكتبكِ أنشوذة، غير أن يا سيدتي ما بجوفي لا يُقرأ ولا يكتبُ، تنحني لأجلنا هاماتُ الليل، يصبُّ مجونهُ الوحشي في دلاءِ الحبور كي تتوهج خاصرة الشوق ..!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :