خيبة وقهوة

خيبة وقهوة

بقلم :: ليلى المغربي

نظر إليها زوجها برقة وقال : اليوم أرغب في دعوتك إلى تناول القهوة في الخارج .َ
سعادةٌ ممزوجةٌ بدهشةٍ ظهرتْ علَى وجهِ الزوجةِ وهيَ تتزين وتتعطر ، وترتدِي ملابسَ أنيقةً ، وأخذت تحدثُ نفسها : اييييييييه كم انتظرتِ هذه الدعوة ، ِلحظةً رومانسيةً تجددُين فيها تلكَ اللقاءاتِ أيامَ الدراسة الجامعيةِ والخطوبةِ وشهرِ العسلِ ..
وبدأت تتخيلُ ما سيكون عليه حديثَهُما في المقهى .. ابتسمت .. وانطلقا سوياً ..
لم يبتعدا كثيرا فقد دعاها إلى المقهى الكائنِ أسفلَ شقتِهما والذي يمران كثيرا من أمامه منذ سنواتٍ ولا يدخلانه .
دخلا متشابكَي الأيدي ،واختار الزوج طاولةً في ركن المقهى الداخلي ، وطلب من النادل فنجانَيْ قهوة ..
أخرجَ الزوجُ هاتفه النقال وأخذ يعبث به ويلعب إحدى الألعاب الموجودة به .
راقبته الزوجة وهي ترتشف القهوة منتظرةً أن يتحدث معها ، بشوق ولهفة الحبيبة القديمة التي استعادتها لحظة دعاها .
نظرت إليه .. تنحنحت .. أخرجت هاتفها عساها بإثارتها بعض الحركات تقطع استغراقه وخلوته مع هاتفه .. لم تفلح فقررت أن تبحث عن وسيلة تداري خيبتها ..
أخذت تراقب الزبائن المتناثرين في أرجاء المقهى ..
جميعهم مشغولون بأحاديث بعضها تبدو جادة والبعض الأخر لايخلو من المزاح والضحك وإثارة الضجيج حتى أنهم لفتوا انتباه جميع الحاضرين ..عدا زوجها الذي كان لايزال مستغرقاً في هاتفه ..
أحست بالملل ، أصغت لحديث يدور بين رجلين في طاولة مجاورة ، حديثهما عن المال والأعمال لايعنيها .. عبثت قليلاً بعلبة السكر ، أدارت فنجان قهوتها لتحرك بقاياه وترسم به تلك الأشكال والخطوط المتشابكة محاولة أن تدعي قراءة الفنجان .. أيَّ شيء يكسر الملل والسكون ..
أخيراً نفد صبرها ، وقررت أن تبادره بالحديث مبتسمةً : هل تذكر مواعيدنا أيام زمان ؟
هز كتفيه بلامبالاة قائلاً : أنا لا أذكر ماتعشيناه البارحة .
صمتت وراحت تراقب باقي روادِ المقهى .
أنهى ارتشافَ قهوتِه ، نقد النادل الحسابَ .ْ
وابتسم لزوجتهِ وهو ينهضُ ممسكاً بذراعِها وعادا إلى المنزلِ متشابكَي الأيدي .

هو دفع ثمن القهوة ، وهي دفعت ثمن خيبتها .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :