هل اتاك حديث الجنوب ؟

هل اتاك حديث الجنوب ؟

لم يستطع الإنسان منذ القدم أن يعيش وحده في هذا العالم ، في ظل احتياجه للآخر، فإذا هو امتلك شيئاً معيناً فقد تنقصه أشياء أخرى كثيرة لا يستطيع هو أن يوفرها لنفسه ، لهذا فالاحتياج لباقي الناس يكون بسبب هيمنة مبدأ التكامل وهو المبدأ الذي يستطيع به الناس أن يزودوا بعضهم البعض بكافة الاحتياجات التي تبقيهم على قيد الحياة والتي توفر لهم حياة كريمة سعيدة هانئة بدون مقدمات .. من المستفيد من الفوضى العارمة بمنطقة الجنوب الليبي؟

ومن المستفيد من الأجواء المحتقنة بين المكونات الاجتماعية والعرقية فيه ؟ ومن المسئول عن ذلك؟

لقد دمرت حروب اهلية استمرت لأكثر من اربعة عقود هذه المنطقة .. و لم يعد الحديث هامساً أو عاطفياً تجاهه و ما يترتب عليه من آثار وأبعاد على مستقبل الوطن … أسئلة كثيرة تراود كل تيار وهو يعمل ويتوقع لرغبته أن تتحقق ويا له من هدف يكفى أنه ولد هذا التابين والاختلاف ، فصعدت عبر روحه وما ولد من سجال النظرة الحزبية والطائفية والجهوية الضيقة والمصالح الشخصية المدفوعة بالكيد ، لتنحدر الروح القومية والوطنية عند البعض الى أدنى درجاتها ووصلت لدى البعض حد اليأس ، وغابت عند بعضنا الحكمة والبصيرة النافذة التى تحكمها مقاصد الوطن العليا والأحلام الكبارالتى تمثل القضيا المركزية لا بل وحتي وابسط المقومات التي جمل مضمنها : 1/ الاخفاق في توفيرأدنى المقومات من غذاء وماء وكساء وصحة وخدمات دعك عن الطاقة وعدم تشييد الطرق والبنى التحتية الأولية !. 2 / النزاعات القبلية والبيئة التى تهيئت لها بحكم التقسيمات الجنوبية وتفشى العصبيات والمليشيات التى تقوم على مكون عرقى ومصالحها المرتبطة بالنفط والأراضى وما يلحق بها من زراعة و رعى ، وتجار السلاح واجندات وانغماسيو الحروب وسماسرتها الكثر ! 3/ بذرة العنف في الجنوب التيعاشت سنوات الحرب وأسهمت فى تأجيجها ، والتي كانت أقل كسبا من عائدات السلام وما تزال بعض بذور الفتنة تلاحقها ! 4/ عجزالجنوب فى اثبات قدرتها واحكام سيطرتها وبسط واشاعة هيبة القانون وتمدين الحياة ، بل وعجزها عن نزع سلاح المليشيات وغيره..، لاعتمادها على الجيش الشعبى فى تحقيق مطلوبات الأمن والاستقرار وهو أعزل من المفاهيم والأدوات !. 5/ غياب الرؤية لدى قادة الحركة ازاء تحديد الأولويات وتوظيف الموارد لضعف الارادة السياسية ، اضافة الى عدم تحلي المسئولين بالمسئولية وفق معايير الشفافية والنزاهة والمحاسبة فى ادارة المال العام !.ناهيك عن تصفية الاعلاميين 6/ التعدي علي ممتلكات الدولة ومحاربة الاعلام وافراغ الجنوب من مؤسساته المدنية والاعلامية عامة والموضفين خاصتهم كافة كما حدث بالامس القريب لـ “محطة الارسال المسموع والمرئي بقناة ليبيا الوطنية فرع سبها ” وتم أكثر من مرة أخراس المحطة هل يمكن للجنوب الحفاظ على الامن؟ أكبر مشكلة ما زالت هي الحدود وزحف ذلك المد الاسود ,والذي تم استحضاره من قبل متطرفي النظام السابق والذي يحضّر الجان “لا يستطيع أن يصرفه” نحو الشمال والجنوب حيث يمكن ان تتحول الاشتباكات المحلية الى صراعات أكبر.والذي غالباَ مايبادر زعماء الجانبين حتى الان الى اخماد المشاكل وما زال مستقبل منطقة اوباري ” المستباح ” موضع نزاع و”يعتقد” كثيرون انه سيبقى سبب خلاف وربما سبب صراع!… وشاعرية المكان التي تغذّي أطماع بعض الانفصاليين ومتطرفي النظام السابق التي تبيح وتبارك اختراق الحدود من قبل الجوار الجائر ..لقد كانت هدفاََ للسيطرة على نقاط معيّنة معروفة بأهميتها الإستراتيجية الشديدة باعتبارها منافذ للسلع المهربة والممنوعات بمختلف أنواعها كالسجائر، والخمور، والمخدرات، والمركبات المسروقة والمهربة من موانئ بلدان غرب أفريقيا كميناء لومي بالتوغو، وميناء كوتونو ببنين، وأبيدجان وغيرها، وهي كذلك نقاط استقبال للمقاتلين الوافدين من شتّى بلدان ما وراء الصحراء مثل مالي والنيجر ونيجيريا وغيرها.. أمّا تجارة السلاح فقد أصبحت نشاطا تصديريا بامتياز . لكنها توسعت ونَمت بعدها وازدهر نشاط التهريب نحو الخارج لوفرة السلاح داخل ليبيا وسهولة الحصول عليه، والطلب المتزايد عليه بدول الجوار المغاربي والأفريقي. لقد أخفقت المكونات الإجتماعية في إحلال الأمان والسلام بالمنطقة ليس لانعدام المساعي أو النوايا، بل لأن الليبيين ليسوا اللاعب الوحيد وليسوا الطرف المسيطر للأسف، وهو ما سيفتح باب التدخلات الدولية والإقليمية على مصراعيه في أية تسويات أو خطط محتملة تستهدف إيجاد حلّ لمعضلة الجنوب. وحتى لا تفقد القبيلة الليبية دورها.. علي مشائخ كافة القبائل أن لا يهدروا الفرص ويفوتوا على قبائلهم فرصة معالجة الجراح وتطويق النزاعات وتهيئة الطريق للحلول المستدامة عبر التواصل والتحاور.. وأن لا يتصرفوا كقيادات حزبية أو سياسية أو ميليشيوية.. وإذا كان هنالك من حوار مجد أو مبشر فهو لا شك حوار القبائل البدوية لأنها الإطار الاجتماعي الأكثر استيعابا لليبيين، على خلاف الأحزاب والمنظمات والحكومات والميليشيات، وطالما أن المجتمع الدولي يريد للمعركة أن تُحسَمَ بأيادي ليبية، فعلى الليبيين أن يترفعوا عن كل نقاط الاختلاف وتباينات وجهات النظر وينصرفوا إلى محاربة العدو الأول لليبيين، وأعني الارهاب. لن يكون من السهل اقتلاع هذا الضرس النخر في ليبيا دون تعاون من الجوار ومع العالم.. لا بدّ من دفع أكثر ما يمكن من الأطراف في هذه المعركة والالتفات ولو لوهلة للجنوب وخط حدوده كي يشعر الجميع بالخطر الداهم، وهو خطر لا يحتاج كشفه إلى اجتهاد كبير، بل ما يقتضي التكاتف والتكتّل بشأنه هو مواجهته وطرده خارج حدود ليبيا كي يعود من حيث أتى ويرتد على صانعيه ومُموّلِيه ورُعاتِهِ الحقيقيين الذين يستمتعون اليوم بانهيار الدولة عامة وبمآسي شعوبها وضياع ثرواتها تباعا كي يشفوا غليلهم الحضاري التاريخي ويُرضُوا ما يشعرون به من نقص. وهذا لن يحدث طالما الجنوب ومؤسساته وابنائه داخل اطار الاقصاء وهذه حقيقة واضحة كرائعة الشمس في عز النهار . هذا كلامٌ أضعه برسم عامّة الليبيين وخاصّتهم كافة.. برسم عقلائهم ومجانينهم ومفكّريهم ومثقفيهم.. خصوصا أحد أهم أدبياتنا هذه الأيام هي مقارنة فترة التسعينيات وبداية الالفيات العشرية بما نعيشه الآن.. وكيف كانت الحياة جميلة وهادئة وكان الجيران يعرفون بعضهم بعضا والروابط الإجتماعية متينة والأخلاق أفضل.. وصولا لما نعيشه الآن من حياة سريعة متعبة و انحطاط في الأخلاق.. وانعزال داخل شققنا.. وتفكك على مستوى الروابط الإجتماعية والأطفال لم يعودوا يلعبون في الخارج لانعدام الأمن.. إلخ.. وبمعنى آخر.. كيف صارت الحياة أضيق وأسوأ.. ولا نملك أمام هذا التغيير إلا التحسر. والصحافة (المرآة) نادراََ و أبدا أن تكتب لك عن الوطن الحقيقي .. والحكومة من جهتها تصب عليك الأغاني الوطنية صبا وتدعوك لتمجيد الأجهزة الأمنية والعسكرية .. وكأن هذه هي الوطنية.. والتعليم بطبيعة الحال, بعيد عن قراءة الوطن بشكل صحيح.. فإذن .. لم يبق إلا أنت.. إعرف وطنك بشكل صحيح.. وقم بقياسه كما تقاس الأوطان.. وميز بين الوطن الغالب والوطن المغلوب.. فمن هنا يبدأ التصحيح.. وتذكر أن من حقك يا مواطن أن تعيش في بيت لك وحدك.. لك أرض وفوقك سماء.. ولك حول بيتك مكان يلعب فيه أطفالك.. تجلس فيه مع زوجتك ..وتزرع فيه ولو شجيرة نعناع واحدة.. هذا حقك

ابوبكر عبدو

hfاب..

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :