دَارُ المَقْعَدِ.

دَارُ المَقْعَدِ.

  • مريم العجيلي

طلبت مني أمي (أطال الله بعمرها ) أن أقوم بإيصالها إلى بيت إحدى ( صديقاتها) ولم أرفض بكل تأكيد ثم طلبت مني أن أدخل معها فقد قالت : لن أتأخر وبالتالي حتى أعفيك من هذه الشوارع الملأى بالحفر وأخذت منها وعدا بعدم التأخر ودخلت معها إلى ذاك البيت ولا أعرف المناسبة هل هي مولود جديد أم تهنئة بخطوبة أو ماذا ، على كل حال دخلت بدأت الحكاية من السلام فأنا لا أعرف إلا طريقة واحدة للسلام بين النساء وهي وضع الخد على الخد وكفى ، هنا وجدت أنواعا عدة من السلام بين النساء ، فواحدة تستلم خدي ولا تتركه مع كمية كبيرة من ( الحبيبات) تنتهي بلحن مميز ، والأخرى تتخذ لنفسها طريقة سلام أخرى وهي طريق تبادل الخدود والنتيجة أربع ( حبيبات ) أما العجوز الملتفة ببطانية فقد قبلت يدها وأردت أن تقبل يدي فسحبتها تم اتضح لي بأنه نوع آخر من السلام وهو تبادل القبل على الأيدي ولكن من الواضح أني منعتها من تكملة طقوسها ( السلامية ) واكتفيت بأن قبلت أنا يدها وجاء دور الجلوس ، بعد أن جلست أمي لم أجد مكانا بجانبها فجلست بجانب العجوز التي منعتها من تقبيل يدي ، وبدأت في الابتسامة الغبية وفجأة وبشكل مباغت سألتني ايش حالك ؟ أجبت : الحمد لله تمام كيف حالك أنتِ؟ قالت : سلم حالك ، وايش حال عافيتك ؟ قلت : الحمد لله ، قالت ايش حالك صحتك ؟ تساءلت في داخلي أليست العافية هي الصحة ؟ قلت الحمد لله ، ولم تنته سلسلة الـ ( ايش ) هذه أبدا . وأنا أكرر الله يسلمك ، الحمد لله استمرت هذه العجوز الطيبة بالأسئلة وقالت : متزوزة أنتِ؟ قلت لا ؟ قالت شن ناقصك يا حنة ما تزوزي ، ابتسمت وقلت النصيب قالت : والله ما ناقصك حاجة بنية سمحة وما شاء الله عليك ، لعيت من انتِ ؟ قلت : عجيلية ، قالت بالجودة مرابطين راهم العجيلات ويقطوا في التبيعة ، ابتسمت لها . قالت : باهي يا حنة ومدام مش مزوزة عليش حاطة مكياج ؟ ( ياربي ) كيف سأجيب هذه المرأة الطيبة الآن .. فاخترت ( الابتسامة ) وفجأة أيضا احتضنت يدي اليسرى وقالت لي : وعليش لابسة دبلة ؟ قلت : ليست بدبلة هي خاتم ، قالت : آه يا حنة عرفت ليش مش متزوزة لعند توا اللي يحق ها الخاتم وها المكياج يقول عليك متزوزة ، بطلي مكياج وحولي ها الخاتم واسّع تزوزي ، قلت لها حاضر يمي قالت لي : ايش اسمك ؟ قلت مريم .. بالجودة سعتة كانت عندي صاحبة اسمها مريم الله يرحمها حتى هي غالي عليها الكحل والسواك بس مزوزة ( طيب ما أفعل أنا الآن ؟ ) فوجدتني صامتة فقالت : وتشتغلي يا يام ؟ قلت نعم صحفية .. قالت سعته بناتنا من حوش بوها لحوش راجلها ، إلا بنات توا ما يقدر عليهن والي ( وأضافت بصوت منخفض) الحمد لله ماعندي بنات. نظرت إلي أمي ( أطال الله في عمرها مرة ثانية ) لعل وعسى تقوم بإنقاذي ولكنها لم تهتم بي بتاتا . قامت المرأة المقابلة لي باحتضان المايك وتكملة الأسئلة حيث قالت : مش أنتِ مريم العجيلي الممثلة ؟ فأجبتها نعم كنت ، قالت آه تفرجت عليك مرة في التلفزيون قالت جارتي العجوز الطيبة ( صار تفرجة أنت) ( ابتسمت غصب عني طبعا ) وأمي .. ( اللي توعدت بداخلي بأن أتفاهم معاها في السيارة كثيرا) لم تهتم بي أضافت الجارة ، وكيف يا حنة خلوك هلك تمثلي ؟ أجبت : آهو بطلت ردت العجوز ( الـ مش طيبة ) قائلة : أحسن ، سعته البنت ماتقدر تبحت في الشارع بكل مش تقعد تفرجة!!. أضافت الجارة ، باهي يا حنة وين تشتغلي ؟ ردت العجوز تشتغل صحفية ( ومعها صوت من شفايفها ينم على عدم الرضا حتى بالصحافة ) قالت الجارة : كم مرتبك ؟ ( هنا بدأ الصداع يسلك طريقه إلى جمجمتي ) ونظرت إلى أمي ( اللي حلفت معاد نخش معاها دار مقعد) وقالت ( أي أمي ) والله مرومة كانت تأخذ في ألف جني وتوا في نصهن ( الآن شاركتي يا أمي ؟ الآن !! ماهذه المشاركة الرائعة!! ولكن صبرا عليّ) ردت العجوز الـ مش طيبة: هابا صبايا ياخذن في ألف جني ورجاجيل بشنابهم ياخذو في 250 جني نقلبت الدنيا . قالت أمي : لا كانت تاخذ في ألف جني توا 500 ومرة يجن وعشرة لا .

ردت الجارة : مغير اطيري في العين عليها قالوا زادوهن مش نقصوهن ؟ عرفت ما ستقول أمي وخوفا أن تقول شيئا لا أريدها أن تقوله قلت : ( الحمد لله على كل حال) ردت العجوز التي تبين لي بأنها لا تحمل أي ملمح من ملامح الطيبة قائلة ( وهنا الـ500 شوية) ردت الجارة : والله زادوهن باهي !!!!! ( نظرت إلى أمي لعلها تفهم بأني أقول هيا ) وكانت إجابتها بصوت عالٍ وبقوة وجبروت ( مازال بدري يامرومة تو نطلعو ؟ ( مرومة ومازال بدري ) وهي تعلم بأني لا أحب اسم ( مرومة هذا وقد وعدتني بربع ساعة فقط ) ابتسمت لأمي وأنا أحمل بين طيات ابتسامتي الوعيد لها . دخلت لهذه الأسئلة الشخصية سيدة أخرى وقالت ، باهي يا حنة مدامك صحفية ما تعرفي أمتى يجيبو فلوس للمصارف ؟ فأجبت : لا ( دون كلمة زيادة ) فردت الجارة التي كانت تتحدث منذ قليل ( والله سمعنا آخر الأسبوع ) فقلت إن شاء الله ردت العجوز الـ مش طيبة قائلة ( اسع يجيبوهم المهم افتكينا من معمر ) نظرت إلى أمي من جديد لعلها تفرح قلبي وتقول ( لنذهب) ولكنها لم تهتم بنظراتي المتوسلة ورغم إشارتي لها بأن الصداع بدأ يسيطر عليّ وبأني لم أعد أحتمل ولكن لم تهم بي .. فهي منشغلة بـ( قرمة مع أخرى ) وأنا بدأت في حالة من الفوران . قالت المرأة الثانية مكملة جملة العجوز الـ مش الطيبة قائلة ( والله صدقتي المهم افتكينا من معمر ) فأضافت العجوز موجهة حديثها لي قائلة : باهي وأنتِ يا حنة تحبي معمر ولا الشيخ مصطفى عبدالجليل ولد سيدي !!!!! قلت ولد عمك ؟ قالت لا مش ولد سيدي ولد سيدي ولكن سعته كان جده وجدي ( وأكملت قصة لا أتذكرها ) وفهمت بأن سابع جد لها كان يلعب مع سابع جد له أو شيء من هذا القبيل… ( ابتسم عقلي الشرير ووجدتها فرصة لا تعوض للانتقام منهن جميعا ومن أمي أيضا ) فوقفت وتوجهت إلى باب ( دار المقعد ) مستعدة للفرار وقلت (شوفي يا حاجة أنتِ سألتيني أنا مع معمر ولا الشيخ عبدالجليل) أنا مانحبه بكل اجليل ولد سيدك هذا .

وغادرت مسرعة حتى لا أجد ( شبشب ) على ظهري لدرجة أن حذائي مسكته بيدي ودخلت سيارتي وأقفلتها منتظرة أمي وأنا أتخيل بأن تلك العجوز مش الطيبة تقوم بضربها . بعد دقائق سمعت صوت أمي خلف الباب يقول ( والله مرومة ماتحب معمر مغير تحب تبصر معاكم ) وخرجت وصعدت السيارة ولم تقل كلمة واحدة .. وبعد مسافة ليست بالقصيرة أو الطويلة قالت ( أنتِ والله معاد نازلة معايا في لمة ) فوجدت نفسي أردد ( الله أكبر ، الله أكبر )

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :