فِي زَمَنِ الحَرْبِ

فِي زَمَنِ الحَرْبِ

  • قراءة :: خديجة زعبية

رواية صدرت حديثا عن مكتبة طرابلس العلمية العالمية للكاتب أحمد نصر يرسم فيها مشاهد القرية الهادئة وصخب المدينة وضجيجها وكعادة الكاتب فأسلوبه متسم بالهدوء والحركة المتأنية في أغلب المشاهد تبدأ الحكاية بالشخصية الأبرز في العمل عبدالله النعاس المتغرب خارج الوطن وهو يرسم مستقبل أبنائه و بقية حياة تكون القرية الملجأ و السكن الأخير باحثا عن الأمن و السكينة و متطلعا لمستقبل أفضل، يسرد عبدالله مرحلتين من حياته الأولى كانت في غربة وسفر استمرت لفترة ليست بالقصيرة و الحنين الجارف الذي أخذ صاحبه إلى ذكريات طفولته وصباه أما المرحلة الثانية فكانت أحداثها أكثر وأشد أثناء 2011 و بقايا رمادها الذي استحوذ على حياة الكثيرين حتى الآن وكون هذه المرحلة قريبة جدا من الناحية التاريخية ولأن معظم القرّاء كانوا معاصرين لها جعل الكاتب بسهولة من قارئه جزءا من النص يعود بذكرياته إلى تلك الفترة وما حملته من متاعب بمختلف أشكالها. أسماء الشخصيات متعددة في الرواية حتى إني ما إن يظهر أثناء قراءتي اسم جديد فإني أعيد ربطه مع العائلة التي ينتمي إليها مما يجعل القارئ في حيرة أحيانا خصوصا وأن الشخصيات متقاربة جدا من بعضها. المحيط الذي اختاره الكاتب في هذا العمل هو القرية يبدو أن حنينه لها جعلنا نراه من خلال بعض نصوصه و وصف مشاهد الطبيعة دائما مايسترسل فيها الكاتب و كأننا أمام لوحة ملونة من خلال تعابيره. الحب و الحرب، السلام و الأمل و حياة تملؤها الكثير من المخاطر هو مايصف الحياة في الرواية. أما الحوار بين الشخصيات في النص فاختلط بين الفصحى والعامية و هناك بعض الكلمات العامية استخدمها الكاتب ضمن سطوره أنا شخصيا وجدت أن موقعها غريب و لا أفهم السبب الذي دفع الكاتب لذلك. تنوعت الشخصيات بين الخيرة و الشريرة و تنوعت بذلك الأفعال في زمن الحرب حيث رآها البعض مرحلة صعبة على البلاد و من الأفضل التآزر و التقارب للوقوف في وجه هذه الحرب و البعض الآخر وجدها فرصة للثأر من الخصوم و زيادة هوة الحقد و الضغينة بين الناس. عايشنا جميعنا مرحلة 2011 و سيجد القارئ نفسه من خلال الرواية يعود لتلك الأحداث فمثلا انقطاع التواصل مع بقية أنحاء البلاد من الأمور القاسية على الناس و محاولات الاطمئنان عليهم كانت مستحيلة في بداية المرحلة، القصف و التهجير والاعتداءات المختلفة لها أناس مازالوا إلى الآن يروونها، مآسي السجون المخفية شاهدناها على الفضائيات ورأينا الفجيعة ماثلة أمامنا. العثور على بعض المختطفين ناجين من موت محقق كانت قدرة الله تعالى في إنقاذهم في اللحظات الأخيرة، مشاهد التشكيك في المغتربين و المخاطر التي تعرضوا لها نتيجة لرفضهم الخضوع لذلك التيار كل هذه الأشياء عاصرناها و سمعنا الكثير من القصص عنها. مشهد وصول عبدالله إلى مطار طرابلس مع عائلته أضاف له الأستاذ أحمد نسمة صباح باردة مصاحبة لإشراقة يوم جديد هو في الواقع بدايات لأشياء أخرى جديدة كان يتمناها. كون الشخصيات متخيلة أو حقيقية لاينقص من العمل شيئا فالعمل الجيد هو مايفرض نفسه على أي قارئ . شكرا للأستاذ أحمد نصر على هذا العمل الجميل و مازلنا ننتظر الأجمل من قلمه.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :