- شكري السنكي
انتقل إِلى رحمة الله تعالى، يوم الثلاثاء الموافق 2 أبريل 2019م، الوزير الأسبق السّيِّد معتوق آدم الرقعي، المولـود فِي إجدابيا سنـة 1926م. وبوفاتـه فقدت بّنْغازي قلباً سكنت بداخله وتربعت فيه.. وفقـدت ليبَيا رجلاً مِن رجالاتها المخلصيـن الشرفاء، ورجلاً صادقاً لعب دوراً مشهوداً فِي عهد المَلِك إدْريْس السّنُوسي أزهـى عصـور ليبَيا.. وفقدت بلادنا قلباً يغمره الحبّ ويسكنه الوفاء، وإنْسَاناُ نبيلاً ومواطناً اعتز بليبيته وتاريخ بلاده وأجداده العظام.. وفقـد الشعر الشّعبي شاعراً مِن فحول الشعراء.
بدأ معتوق الرقعي حياته الوظفيّة سكرتيراً لبلدية إجدابيا، وكان ذلك فِي العَام 1950م. ومارس العمل الصحفي فِي مطلع شبابه، حيث كان مراسلاً لصحيفة «الاستقلال» الّتي كانت تصدرها رابطة الشّباب فِي بّنْغازي. وكتب مجموعـة مِن المقالات المهمّة عَن الثرات والشّعر الشّعبي ونشرها فِي جريدة «برقة الجديدة» فِي النصف الثّاني مِن خمسينيات القرن الماضي.
عُيـِّن فِي منتصف الستينات وكيلاً لوزارة الدّاخليّة، فكان أوَّل مَنْ أدخل الاتصال اللاسلكي فِي عمل الوزارة وليبَيا على الإطلاق. وصار وزيراً للسياحة والآثار فِي 4 يناير 1968م، فِي التعديل الوزاري الوحيد الّذِي أجراه عبدالحميد مختار البكّوش على رئيس الحكومة – الحكومة الّتي استمرت مِن 5 أكتوبر 1967م إِلى 4 سبتمبر 1968م.
واستمر الرقعي وزيراً للسياحة بعدما تولّى ونيس محَمّد القذّافي رئاسة الحكومة فِي الرَّابع مِن سبتمبر 1968م، ثمّ صار وزيراً للداخليّة فِي التعديل الوزاري الوحيد الّذِي أجراه ونيس القذّافي على حكومته فِي يونيه 1969م، وقبل وقوع انقلاب الأوَّل مِن سبتمبر 1969م، الّذِي قلب حيَاة الِلّيبيّين رأساً على عقب، وأدخل معتوق الرقعي إِلى الاعتقال وتعرض للتعذيب القاسي، ثمّ أطلق سراحه فِي العَام 1974م، وبعد الإفراج عنه اتجه إِلى الأعمال الحرَّة «النشاط الخاص».
يُعد الرَّاحل الكبير مِن فحول الشعراء الشّعبيين بليبَيا، وهُو صاحب أطول قصيدة رثاء عرفها الشعر «الشّعبى والفصيح»، والمكّونة مِن «180» بيت شعر – القصيدة الّتي كتبها بعْد وفاة المَلِك إدْريْس السّنُوسي فِي 25 مايو 1983م.
وهُو مِن أبرز الشعراء الشّعبيين الّذِين أضافوا إِلى واحدة مِن أشهر القصائد الشعبيّة، قصيدة: «سبحان اللّي هنتك» والّتي بدأ فِي كتابتها الشّاعر والوزير السّابق سيف النّصر عبْدالجليل سيف النّصـر، والّتي يقول مطلعها:
سبحانه اللّي هنتك وهوَّنتيني
ونسيتك بعد ولعات ونْسيتينى
وَمِن الشعراء الّذِين أضافوا إِلى هذه الملحمة إِلى جانب معتوق آدم الرقعي: الشّاعر الشّريف السعيطي، محَمّد السّيفاط، عبْدالرَّحمن رجب بونخيلة، مُصْطفى اعبيد الهوني، نصر الرقعي «أخ معتـوق»، أبوبكر الرقعي «أخ معتـوق».. ورُبّما آخرين.
أخِيْراً، رحمك الله يا ابن الوطن البّار.. يا صاحب الموقف، والكلمة الصّادِقـة، والرَّأي السديد، والابتسامة والأخلاق النبيلة الرفعية.. وهنيئاً لك على هذا الكم الهائل مِن محبة النَّاس.. ورحمك الله رحمة واسعة وجعل الجنّة داراً ومستقراً لك.. وحفظ الله ليبَيا وفرَّج كربها، فقد طال عذابها وطالت أحزانها وآلامها وأنتظارها، وآن لها أن تستريح بعْـد طول عناء وانتظار.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون.