محمد نصيف
محمد نصيف
لكِ يا أماهُ أشكو كلّما
طفتِ حولي لجراحي بلسَمَا
حينَ أحبو كنتِ حولي شمعةً
تسكبينَ الضوءَ دمعًا ودما
حينَ أمشي تفرشينَ الروحَ لي
تحت أقدامي لأحيا مُنعَما
ترسمينَ الدربَ لي فيضَ سنًا
فأرى النورَ بدربي ازدحما
أينَ منّي حضنُكِ الدافي حمًى
حينَ ضاقَ الكونُ عن بعضِ حمَى
حينَ صارَ الكونُ سجنًا خانقًا
فبدا الأفقُ حيالي مأتما
آهِ يا أمّاهُ كم ضاق المدى
فبدا العمر طريقًا معتمًا
وانطفا بعدك قنديلُ المنى
صار عندي كلُّ شيءٍ عدما
كم أواري الجرح لكن ألمي
صار يروي ما بقلبي كُتِما
أكتمُ الدمعَ سخينًا حاملًا
تحتَ جفني من لظاهُ حُمَمَا
آهِ يا أماهُ خضنا أبحرًا
نركب الموج بها ملتطما
تعصرُ الغربةُ قلبي ألمًا
مَنْ سوى أمّي يُزيلُ الألما
من سواها لو طلبتُ الأنجما
تنسجُ الهدبَ لحلمي سلَّما
إن أصابَ الجسمَ منّي سقمٌ
كنتِ قبلي تشتكينَ السقما
كم سهرتِ الليلَ حبًّا ، وأنا
بحمى الحبِّ أناجي الحلما
تاهَ يا أماهُ قلبي سارحًا
في سما عينيكِ يُحصي النعما
فَرِحًا كالطيرِ قلبي إن بدا
طارقًا صوتُكِ قلبي نغما
كانَ لي حضنُكِ حصنًا آمنًا
أحضنُ الدفءَ بهِ مستنعما
تعصرينَ القلبَ قطرًا في فمي
لو بيومٍ مسّني بعضُ ظما
كم شهيدٍ فارسٍ شيّعتِهِ
من بنيكِ الكونُ يبكيهِ دما
بجميل الصبر أذهلتِ الورى
تكتمين الحزن جمرًا مُضرَما
قلتِ لي اثبتْ شامخًا فوق الأسى
لا تَهِنْ للجرحِ مهما عَظُما
وابتهجْ يا ولدي الفخرُ لنا
قد سَمَتْ قاماتُنا حدَّ السما
فاطمئني أنا جلدٌ في الأسى
منذ أن كنتُ رضيعًا برعما
واعلمي أماهُ أنِّي لم أزلْ
ثابتًا للحقِّ سيفًا وفما