بقلم :: عبد الرزاق
الشيء الوحيد الذي لم يقله خالد شكشك في ختام مؤتمره الصحفي، بمناسبة صدور تقرير ديوان المحاسبة للعام 2017، وبعد فاصل من الأرقام المرعبة هو: معكم الكميرا الخفية.
قرابة الألف صفحة، مزدحمة بالأرقام، والحقائق، والمنغصات، ولكن أهم ما كان يمكن أن يقوله لم نسمعه بعد.
حتى رقم 277 مليار الذي أثار الكثير من الفزع، والكثير من الصخب، هو رقم عادي، وهو حاصل جمع ستة أعوام من الأنفاق الحكومي، أكثر من نصفه مرتبات، أو بما يزيد عن المئة 150 مليار، وأزيد من 50 مليار دعم محروقات، وكهرباء، وأزيد من 20 مليار للعلاج والعمل والدراسة بالخارج، ونحو 10 مليار لشركة الكهرباء، زد على ذلك مستلزمات تسيرية للقطاعات، وعلاوة الأبناء، و9 مليار وزعها بوسهمين بمعرفته.
وإذا عدنا للجداول الانفاق سنكتشف أنه ما أنفق بدون قانون خلال العامين 2016 و2017، أقل ما أنفق بقانون خلال العام2013، يعني من الممكن أن يطلع علينا عبدالله الثني، ويقول أصرف من جيبي.
حتى كلفة مكتب النائب في الرئاسي والتي تصورتها في البداية رقم ليبيانا، لو حسبناه بسعر الصرف الموازي سنجده في حدود 180 ألف أو أقل، وهو بسعر سيارة لبوة مصفحة، ولكن مع ذلك فهو سلوك غير مسؤول، وسوء إدارة للمال العام.
التقرير يعكس جهد متميز، لمؤسسة عملت أكثر ما بوسعها في ظرف أكثر من صعب، ولكن ما أكثر الكلام الذي لم يرد، وما أكثر الأسئلة التي ظلت حائرة.
فمثلا ما تحققه الاعتمادات المستندية من عائد يتخطى العشرين مليار دينار، كفارق سعر صرف تذهب لرجال اعمال، ومليشيات، وموظفين كبار، وهي أخطر من تيوتا كارولة لم يستعيدها موظف لجهة عمله.
ومثلا سؤال عن وزير للصحة قطع مناسك حجه، ليعود بطائرة خاصة عبر الخرطوم، فمن دفع له فاتورتها ولماذا؟
هناك الكثير من الشياطين، وهناك الكثير من التفاصيل، واحذروا فإن تسييس الفساد، هو أسوأ الفساد السياسي.