شلونك !

شلونك !

فريدة الحجاجي

فريدة الحجاجي

عبارة متداولة في العراق وبعض مناطق الخليج العربي ، وهي اختصار للسؤال : ما هو لونك !والمقصود بها : كيف حالك ؟ولكن ما أصل هذه العبارة ؟

يُقال ان القصة تعود الى القرن السابع عشر عندما انتشر الطاعون في مدينة بغداد ، وهو المرض الذي يحوّل لون الشخص الذي يُصاب به الى الاحمر في المرحلة الاولى ثم الى الاصفر ثم الازرق ، وفي حين أنه في أول لونين يمكن ان يشفى المريض فإنه في اللون الثالث هالك لا محالة !فكان الناس يسألون عن حالة المصاب بالقول : فلان شلون لونه ؟وهكذا استمر هذا النوع من السؤال حتى بعد انحسار الطاعون ، فيُقال للذكر : شلونك ؟ وللانثى : شلونتش ؟وقد ارتبط لون الانسان بأمور حياتية كثيرة ، فمنذ القدم استعبد الرجل الابيض اخاه الاسود ومارس عليه اشد انواع العنصرية بسبب لونه ، واثناء الحرب الفيتنامية كانت تجري تجارب في المختبرات ، باستخدام الأجنة المجهضة من النساء الحوامل الفيتناميات مقابل بعض المال، لاختراع اسلحة بيولوجية تصيب فقط الجنس الاصفر الذي ينتمي اليه الفيتناميون ! وكلنا يعلم انه عندما يبتهج الانسان تكتسب وجنتاه اللون الوردي ، وعندما يتكدر فإنه يصبح شاحب اللون ، وقد يميل هذا اللون الى السواد ان اصابه غم وهمّ كبيرين ، يقول تعالى “ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ” صدق الله العظيم .ومن المعروف ان “تجانس” لون بشرة الانسان يُعتبر من مقاييس الجمال ، ولكن يحدث احياناً ولسبب غير معروف له علاقة بالمناعة الذاتية ، يقوم الجسم بمحاربة مادة الميلانين الملونة للبشرة ، معتبراً اياها كائناً غريباً مسبباً ما يُعرف بإسم (البهاق) ، وهو مرض مستعصي ليس له اعراض سوى تشويه منظر الشخص المصاب ، ويُعتبر العلاج الذي اكتشفه البرفسور الكوبي (كارلوس مانويل كاو) باستخدام الخلايا الجذعية المستخرجة من المشيمة هو العلاج الوحيد الناجع للبهاق على مستوى العالم حتى الآن . هذا المرض -رغم قبحه – استطاع قلب موازين الجمال في عالم العروض والازياء ، إذ اصبحت الموديل (ويني هارلو) المصابة به -والتي كان زملاؤها في المدرسة ينعتونها بـ“ الحمار الوحشي”- من أشهر العارضات واكثرهن تميزاً عالمياً واصبحت صورها تغزو السوشال ميديا ووسائل الاعلام في كل مكان . ولا يعكس لون الشخص حالته الصحية او النفسية فقط ، وانما ايضاً ألوان الاشياء المحيطة به بما في ذلك ما يرتدي من ثياب ، ولهذا ينصح خبراء التجميل السيدات بالاهتمام بشكل خاص بمكياجهن عند ارتداء الوان مثل الاخضر والاسود والبني والرمادي ، لأن انعكاس هذه الالوان على الوجه يضفي شحوباً وذبولاً بعكس الالوان الاخرى التي بامكانها ان تضيف رونقاً عليه .وقد اكتشفت جداتنا منذ القدم هذا التأثير أي “انعكاس” لون الاشياء المحيطة بالشخص عليه ، ولهذا نجد العروس الليبية ترتدي اللون البودري (الزهري) من أول يوم من ايام العرس الليبي التقليدي وهو يوم القفة ، فهذا اللون يضفي نضارة ومسحة جمالية اضافية على لون البشرة ، وربما لهذا السبب ايضاً بقى هو اللون المفضّل لتأثيث وطلاء غرفة العروسين .وفي منطقتنا العربية عندما يتعلق الامر باختيار عروس للزواج فإن “بياض” البشرة يُعتبر ميزة جمالية وخصوصاً اذا اقترن بالشعر الاشقر والعيون الملونة ، ومع ذلك لا نجده حاضراً في الاغاني العربية بنفس حضور “السمار” الذي تغنّي به عبد الحليم في (أسمر يا اسمراني) ومحمد قنديل في (جميل واسمر ) وشادية في (آه يا اسمراني اللون .. حبيبي الاسمراني) وغيرهم كثيرون . ويبدو أن الفتيات الليبيات منذ القدم قد فضّلن الاسمر على الابيض وعبّرن عن تمني الارتباط به في الاهزوجة المعروفة التي تقول : ** أسمر بو كابيلّا .. كان يأخذني خير له **

الى اللقــاءفريـدة #الحياة_تبدأ_بعد_الستين

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :