صفعة .. !!

صفعة .. !!

بقلم :: ناجي الحربي 
كثيرة هي المواقف المحرجة .. من منّا لم يقع فريسة لها ؟!!
ذات صيف .. أحسست بضيق شديد .. وبصداع يشبه قرع الطبول الجوفاء يذرع رأسي المتصحر .. ثمة قلق شديد ينخر صدري المتقوض .. وفيما كنت أسير عبر شارع مكتظ بالمارة أتطلع إلى واجهات المحال المرصوصة بالمعروضات الثمينة .. و أرخي أذنيّ وسط الضجيج .. كان صياح الباعة وأبواق السيارات الصاخبة وجلبة الأطفال وهم يعانقون ألعابهم الصغيرة .. كان كل ذلك يزيد من توتر أعصابي المتعبة .. لدرجة أن جسدي تهالك على أحد مقاعد المقهى المنزوي في ركن الشارع الكبير .. أشعلت سيجارتي واحتسيت كوبًا من الشاي الأحمر لعلي أتخلص من الصداع .. فيما كنت أطارد المارة بعينين ضيقتين من شدّة الألم .. أتصفح وجوههم المنهكة في صمت مطبق .. تهيأت للإنصراف .. وضعت يدي في جيبي وأخرجت قطعة نقدية من المعدن تركتها على الطاولة .. جررت جسدي المثقل .. كانت الشمس تزحف ببطء لتختفي في جوف الظلام .. صدح المؤذن ينادي لصلاة المغرب .. فاض قلبي بالخشوع .. توسلت إلى الرب أن يذهب عني هذا الصداع اللعين .. اتسعت خطواتي نحو المسجد .. وإذ بصفعة تهوي على مؤخرة عنقي على حين غرة .. جحظت عيناي .. ألتفت متفرسًا خلفي .. و بصعوبة بالغة من دون أن أنبس ببنت شفّة ترعرعت بين أسناني زفرة قوية .. لكن شابًا ربت على ذراعي .. وبابتسامة باردة قال لي : المعذرة !! معك العدسة الخفية .. وأشار بإصبعه نحو زقاق مظلم لم أر منه سوى خيالات تعكسها إنارة الشارع الرئيس .. بعد برهة رجع ذلك الشاب ليطمئن على ضحيته وقال لي : لا عدسة ولا هم يحزنون .. ظننتك فلان .. فهو يشبهك في كل شيء .. !!
رغم ألم الصفعة إلا أن الصداع غادرني دون أن أزور الطبيب .. !!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :