طرابلس…كثر الله خيره سنيور شتومه

طرابلس…كثر الله خيره سنيور شتومه

بقلم :: رضوان ضاوي * باحث في الدراسات الألمانية، الرباط، المغرب*

 أصدر المستشرق الألماني هانس شتومه Hans Stumme (1864-1936) كتابه الموسوم بــ”حكايات وقصائد من مدينة طرابلس بشمال إفريقيا. تجميع لنصوص نثرية وشعرية بطريقة صواتية باللهجة العربية لمدينة طرابلس مع ترجمة، وشرح للغة ومعجم”، في مدينة لايبتسيغ سنة 1898. وجاء هذا الكتاب امتداداً لمشروع شتومه الذي خصّصه لدراسة أدب شمال إفريقيا الشعبي، فأصدر في 1895 كتاباً عن”فن الشعر بجنوب المغرب” وكتابا عن “الحكايات الشعبية الأمازيغية المغربية”، كما أصدر كتابه”حكايات الأمازيغ بتامزغات جنوب تونس” سنة 1900.

اهتم شتومه بدراسة لهجات شمال إفريقيا، وأولى عناية خاصة بالأدب الشعبي الليبي. وكانت أول محاضرة يلقيها شتومه سنة 1896 بعنوان “مأثورات شعبية عربية”، ليموضع نفسه على الحدود الفاصلة بين الدراسات الإستشراقية والدراسات الإفريقية التي مازالت تخصصاً فتيّاً في الجامعات الألمانية. واشتغل شتومه على حكايات طرابلس وشعرها الشعبي وترجم عدداً من النصوص إلى اللغة الألمانية، وهي نصوص قيّمة وأصيلة. جمع شتومه النصوص الشعرية من مدينة طرابلس بنفسه باستثناء القصيدة رقم 8 و9 و10. فدوّنها صواتياً كما أملاها عليه الرواة إبراهيم بن غالي الطقبالي ومحمد بن زمزا وموظف الفندق الذي ساعده على الترجمة، ولا تخفى بصمات المستشرقين ألبير تسوسان Albert Socin ومارتين هارتمان  Martin Hartmanالواضحة في عمل شتومه الذي لا يستغني عن خدماتهما في مشروعه المغاربي. وكان الرحّالة والمستشرق الألماني مالتسانMalzan  قد سبق شتومه إلى دراسة اللهجة الليبية ونشر دراسته في مجلة ZDMG  بعنوان “عن نطق اللهجات العربية المختلفة في العالم المغاربي”.

ضمت نصوص شتومه الشعرية قصائد تناولت مجموعة من المواضيع الاجتماعية والتربوية والدينية تهمّ جوانب من حياة اللّيبيين بطرابلس نهاية القرن التاسع عشر، مثل موضوع التربية والمواطنة في القصائد رقم 1 و2 التي تناولت موضوع التآزر المغاربي ضد المستعمر: (يا قمر يا يونس-قليني لتونس)، وموضوع التدين في القصيدتين 7و 3و4 و5 التي تتحدث عن وجوب استغفار الله وشكره على نعمة المطر: (يا مطر صبي الميزاب-باش يشربوا الأحباب-باش يجينا الشعير-باش يسمنوا الخرفان/يا مطر صبي في البر-باش يتقوى الشجر)، وفي القصيدة رقم   4 (إن شاء الله رب العالمين-علينا يصب المطر-تبشرونا بالبشارة-الوطن يبست شجاره-ماعاد شي حاجة أخضر) وفي القصيدة رقم 5 (ينفع الزرع والناس والوحوش والحيوانات-ربي يسهل الواعر-ربي يسخر كل حال-على الدنيا بالكمال). وتقول القصيدة رقم 7(محمد بنزوروه-وغذا يشفع فينا-في الجنة بنلاقوه). في موضوع العلاقة بين الأبناء والآباء تشكو بنت في القصيدة رقم 6 معاناتها مع والديها.(أنا أبي ناسيني-مايقول شي بي-أمي كيف الغولة-ديمي تضرب في-أمي تقول ماهي شي مني).

وقدم المستشرق الألماني هانس شتومه ابراهيم الراوية على أنه شاعر شعبي، وهو صاحب القصيدتين رقم 8و9و10. في ما يخص العلاقات العامة تتناول القصيدة رقم 9 موضوع ارتفاع الأسعار والضرائب، واستعطاف الخليفة ليرحم فقراء المسلمين: (أما الراجل ماعندو شي-أبو عيالة ورجل وحداني-يا حاكمالاسلام-يا خليفة من يشبح فيا-اللي يقصد فضلك يرحام-رانا خدامين حزام-كان المولى يعلم بيا-وانت غافل ما تلام-دونك بحر بعيد علينا). وألف الراوي ابراهيم القصيدة رقم 10 شكر فيها الدولة على حفرها لبئر أبو ملانة الذي حل مشكلة الماء بطرابلس: (ماء بارد صاقع في الظل-شراب وتطييب وتغسل-سلم الدولة تدوم هناءها). أما القصيدة رقم 8 فقد أهداها إبراهيم الراوي لشتومه لأنه صوّره فقال يشكره: ( السنيور يكثر خيره-صورني في وسط التصويرة- كثر خيره سنيور شتومه-يبغي يرفعني تفكيره-أنا بعد ربي يصبرني).

نعم كثر الله خير السنيور  هانس شتومه الذي جمع نصوص ثراتنا الشعبي الذي يضم معلومات قيمة عن تاريخنا يمكن اسقاطه على راهننا، وهي نصوص ماتزال تحتاج لخواص ماهر له حس وطني وغيرة على ثقافة وطنه.

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :