متابعة :حليمة حسن / تصوير عمر بن خيلب.
احتضن مدرج مركز اللغات بجامعة سبها فعاليات ورشة عمل بعنوان: ” دور أهمية الطرق الحديدية في التنمية المكانية المستدامة في منطقة فزان ” وكانت على فترتين صباحية ومسائية، نظمتها جامعة سبها بالتعاون مع جهاز تنفيذ وإدارة مشروع الطرق الحديدية ، برعاية المنطقة الحرة مصراتة ” الراعي الماسي ” وشركة ليبيا للاتصالات والتقنية ” الراعي الرسمي ” بالتنسيق مع جامعات ‘ فزان، ووادي الشاطئ، والجفرة ‘. بحضور رئيس الجامعة ‘د.مسعود الرقيق ‘، ورئيس جهاز مشروع الطرق الحديدية ‘ م. سعيد الكيلاني ‘ ، إلى جانب وكيل الشؤون العلمية بالجامعة رئيس الجلسة ‘ د. موسى مي’ ، ومقرر الجلسة ‘ م. أسامة المجدوب ‘ ، وأعضاء هيئة التدريس المختصين في مجال العلوم الهندسية والمعمارية ، وكذلك مديري الإدارات والمراكز والمكاتب ، ورؤساء الأقسام ، ومؤسسات المجتمع المدني ، وعدد من المتابعين والمهتمين بهذا الشأن.
افتتحت الورشة بتلاوة عطرة لآيات من الذكر الحكيم ، تلاها مباشرة قراءة النشيد الوطني، لتتوالى الكلمات الافتتاحية الخاصة بهذا الحدث العلمي بعدها تباعا؛ وذلك بحسب الخطة الموضوعة من اللجنة العلمية العليا المشرفة على فعاليات هذا الحدث.
ناقشت الورشة عدة محاور رئيسية ، أبرزها تقييم الوضع الحالي لشبكة النقل في فزان، وتحليل التحديات التي تواجه تطوير الطرق الحديدية في المنطقة ، كما سيتم استعراض بعض الممارسات العالمية في هذا المجال.
وركز المحور الثاني على تحديد العوائد الاقتصادية والاجتماعية للمشروع، بما في ذلك تأثيره على خلق فرص العمل، وتعزيز التجارة، وتحسين جودة الحياة للسكان من خلال تسهيل التنقل وتوفير الخدمات الأساسية ، بالإضافة إلى التأثير البيئي والاقتصادي للمشروع، خاصة من حيث تقليل انبعاثات الكربون وتحسين كفاءة النقل.
أما المحور الثالث فسيتناول استكشاف خيارات تطوير المشروع، بما في ذلك تحديد المسارات المحتملة للسكك الحديدية التي تربط شمال البلاد بجنوبها والدول الأفريقية، وكذلك استكشاف نماذج تمويلية مبتكرة لتطوير وصيانة هذه الشبكة ، كما سيتم البحث في استخدام الطاقات المتجددة في تشغيل السكك الحديدية.
يشار إلى أن الطرق الحديدية من المشروعات الحيوية لتحقيق التنمية المستدامة في ليبيا، خاصة في منطقة
فزان، فهي تسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي المحلي، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم
والصحة، وتوفير وسيلة نقل صديقة للبيئة مقارنة بوسائل النقل الأخرى، ما يساعد في تقليل التلوث البيئي.
ويذكر أن هذا المشروع يعد خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المكانية المستدامة، حيث سيساهم في تحسين حركة التنقل داخل ليبيا وبينها وبين الدول الأفريقية، ويدعم الاقتصاد الوطني من خلال تنشيط النقل التجاري وفتح أسواق
جديدة، مع توفير فرص عمل وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
شهد اليوم الأول خمس مشاركات علمية ، كانت الأولى بعنوان : شبكات المواصلات في ليبيا بين الواقع
والمأمول، قدمها ‘ د. عزالدين السنوسي’ والثانية بعنوان: السكك الحديدية وأهميتها في التنمية المكانية بالجنوب
الليبي ألقاها ‘ م. إبراهيم الزرقاني ‘ وتطرقت المشاركة الثالثة التي قدمها ‘ م. سالم التومي ‘ إلى أهمية السكك الحديدية في التنمية المكانية ودورها في تطوير الصناعة والاقتصاد الوطني ، والمحاضرة الرابعة تحت عنوان:” دور
شركة القطار السريع للمقاولات العامة في تطوير البنية التحتية للطرق الحديدية في منطقة فزان” ألقاها ‘ أ. الطاهر الصادق ‘ ، والخامسة بعنوان: “أهمية الممر الدولي في التنمية المكانية المستدامة في منطقة فزان” قدمها ‘ م. بن بله مفتاح ‘ .
وتناولت الورشة خلال الفترة المسائية أربع مشاركات الأولى تحت عنوان:” التنبؤ برغبة مستخدمي السيارات تجاه
استخدام السكك الحديدية : نحو نظام نقل مستدام في ليبيا” ألقاها ‘ د. منصور بن مسكين ‘ والجلسة الثانية كانت بعنوان:” الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في تجسير الفجوة بين التعليم وسوق العمل” قدمه ‘ د. عيسى الجدي ‘ ، وركزت المحاضرة الرابعة على دور النقل بالسكك الحديدية في تعزيز التنمية الاقتصادية في الجنوب الليبي “الفرص والتحديات ” ألقاها ‘ د. مصباح حمودة ‘ وقدم ‘ م. أسامة المجذوب ‘ الجلسة الرابعة التي كانت بعنوان: ‘ آفاق استخدام الطاقات المتجددة في قطاع النقل بالسكك الحديدية”.
تخلل اليوم الثاني من فعاليات الورشة
خمس مشاركات علمية الأولى بعنوان:” دور نظم المعلومات الجغرافية في إنشاء وتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية، نماذج عالمية وإمكانية تطبيقها في
منطقة فزان” قدمتها ‘ د. مباركة ناجم ‘ ، والثانية بعنوان:” الأثر البيئي للسكك الحديدية” ألقاها ‘ أ. العربي ناجي ‘ ، وكانت المشاركة الثالثة بعنوان:” أهمية التين الشوكي في حماية الطرق الحديدية، وتحقيق التنوع الاقتصادي” إعداد وتقديم ‘ د. علي عياد ‘ ، والجلسة الرابعة بعنوان:” المواد الخام في منطقة فزان ، وآفاق صناعة مواد البناء” قدمها ‘ د. محمد الكيلاني ‘ ، والمشاركة الخامسة بعنوان:” مقارنة وتوصيات بين المعايير الأوروبية [13674 – EN] ومعايير الاتحاد الدولي للسكة الحديدية [LAC- 860] ” إعداد وتقديم ‘ م. أسامة الصادق ‘.
تحدث ‘ د. مسعود الرقيق ‘ رئيس جامعة سبها عن أهمية وجوب التفكير في هذا المشروع، وأن يكون التفكير فيه
منطقيا وعقلانيا خاليا من المصالح والاتجاهات ، وأضاف أن هذ المشروع لو تحقق ستتغير أساليب كثيرة في المعيشة داخل منطقة فزان بالكامل .
وشدد الرقيق في كلمته الموجهة إلى أهالي فزان خاصة دون استثناء على أن تقدير المصلحة العامة لهذا المشروع هي مصلحة مهمة جدا، بغض النظر عن الطرق التي ستسلكها لتنفيذ هذا المشروع فالمطلوب الدفع والإصرار على
تنفيذ طرق السكة الحديدية على كل المسؤولين ذوي الاختصاص في هذا الشأن من حكومات وأجهزة وشركات
منفذة .
ومن جانبه أوضح رئيس جهاز مشروع الطرق الحديدية أن مشروع السكة الحديدية هو من المشاريع الاستراتيجية
الضخمة لأي دولة كانت، خصوصا فيما يخدم مجال النقل و المواصلات، وأن مشروع الطرق الحديدية في ليبيا هو مشروع له رؤية شاملة، ورسالة سامية، وأهداف مرجوة يسعى لتحقيقها لكي يسهم في التنمية المستدامة، وليكون
داعما، وركيزة من ركائز الاقتصاد الليبي.
وأكد أن المشروع بدأ تنفيذه فعليا بعد توقيع عدة عقود للتصميم و التنفيذ مع شركات عالمية لها خبرة واسعة في
مجال النقل السككي وهي : ( شركة الصين المدنية للهندسة المعمارية) و (الشركة الروسية للسكك الحديدية) و
(شركة أنسالدو الإيطالية) في مجال الاتصالات والإشارات ، بالإضافة إلى مجموعة من المكاتب الاستشارية من
دول : كوريا الجنوبية ، وكندا، و تركيا، وذلك للإشراف على أعمال التنفيذ، لكن المشروع توقف بشكل كامل في عام ‘2011م ‘ مع أحداث ثورة السابع عشر من فبراير، واضطرت الشركات الأجنبية
المنفذة للمشروع لمغادرة البلاد، وللأسف الشديد تعرضت مواقع تلك الشركات، وكذلك الآليات التي تم توريدها لمصلحة المشروع، تعرضت للنهب والسرقة و التخريب و الاعتداء على مسار السكة الحديدية من بعض المواطنين برمي مخلفات البناء، وكذلك جرف تربة المسار .
وقال رئيس قسم العلاقات الداخلية والإعلام بجهاز تنفيذ الطرق الحديدية ‘ أ. يونس ساسي ‘ إن المشروع ركز على الآفاق التي يمكن أن تحققها الطرق الحديدية في منطقة فزان من ناحية تنمية المحيط وتوفير فرص عمل والاستفادة من المواد الخام الموجودة في منطقة الجنوب ، بحيث أن يتم نقلها بحجوم كبيرة وبسرعة إلى مناطق الشمال وكذلك يمكن أن تكون هذه موقع
قدم أو نقطة انطلاق للممر الدولي الذي يربط بين حوض البحر المتوسط والدول المغلقة في جنوب الصحراء المستهدف أو الرؤية المستقبلية ، وأن يكون الممر الدولي يمتد إلى جمهوريتي تشاد والنيجر ونأمل من هذه الفعاليات العلمية التي تتناولها الدورات العلمية من العديد من الباحثين والأكاديميين والمختصين في مجال النقل والمواصلات التي تهدف إلى تقديم رؤية واضحة بحيث أنه يتم استغلال هذا المشروع أو الإسراع في تنفيذه وذلك نظير ما يحققه من فوائد مباشرة وغير
مباشرة لهذا المشروع الاستراتيجي الوطني الهام وخرجت الورشة بعدة توصيات بعد نقاش مستفيض تم التوافق عليها ، أهمها : اهتمام أصحاب القرار التشريعي والتنفيذي بمشروع الطرق الحديدية والإسراع في استكمال المشاريع
المتعاقد عليها لما لها من أهمية اقتصادية ستعود على الإقليم بالازدهار والتنمية ، وكذلك الاهتمام بتنفيذ الممر الدولي الذي يربط الموانئ الليبية بالدول الأفريقية مما يسهل تجارة العبور، وتحقيق عوائد اقتصادية تسهم في التنمية المكانية بمنطقة فزان.
بالإضافة إلى اختيار مسارات الطرق الحديدية الأقل إضرارا بالبيئة المحيطة وبالتالي المحافظة على البيئة المحلية والتنوع الحيوي ، ويجب أن تكون شبكة السكك الحديدية جزءًا من نظام نقل متكامل يربط بين مختلف وسائل النقل الأخرى البرية والجوية والبحرية، لضمان كفاءة وفعالية النقل على المستوى الوطني والإقليمي ومن ثم المستوى
المحلي.
وأردفت: تهدف التوصيات إلى ربط منظومة الطرق الحديدية بمواقع الخامات والثروات الطبيعية مما يسهم في الاستفادة منها في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنوع مصادر الدخل ، وتطوير قاعدة بيانات متكاملة ومتينة لرصد وتدوين البيانات والمعلومات المرتبطة بالنقل والمواصلات للاستفادة منها في اتخاذ القرارات وإعداد الدراسات التخطيطية ووضع سياسات ومخططات وبرامج النقل والمواصلات سواء على مستوى الدولة وأقاليمها الجغرافية أم على مستوى التجمعات العمرانية الحضرية والريفية ،وتطوير مرافق البنية التحتية المساندة للطرق الحديدية، ويشمل ذلك محطات الشحن والتفريغ، والصيانة، والتدريب، وغيرها من المرافق اللازمة.
كما أوصى بوضع خطة شاملة وطويلة الأجل لإنشاء شبكة سكك حديدية تربط مدن وقرى منطقة فزان ببعضها وببقية مناطق ليبيا، مع تحديد الأولويات والمسارات المحتملة ، والاستعانة بنظم المعلومات الجغرافية (GIS) ونظم تحديد الموقع العالمي (GPS) في تجميع وربط كافة البيانات الخاصة بمسارات الطرق الحديدية وما قد يطرأ عليها من تغيرات.