- محمود السوكني
قال لي وفي نبرة صوته إحتجاج لم يستطع إخفاؤه : ألم تكتفي بالكتابة عن غزة ؟ وتلتفت إلى الداخل حيث النحيب على درنة لم تجف منابعه فيما الأنظار تتجه في هلع صوب باحة المكرمات زليتن تشاهد معالمها تبتلعها الأرض رويداً رويدا دون أن تحرك الدولة ساكنا ! ناهيك عن جولات العبث التي يقضيها هذا العجوز الأممي دون طائل وتلك .. وذاك .. مواضيع شتى تستحق أن تكون محط أنظار الجميع وجديرة بإهتمامكم رجال الصحافة والإعلام جنود السلطة الرابعة .
قلت لمحدثي : ماتقوله صحيح وفي غاية الأهمية ويجب أن يأخذ حقه من الإهتمام والرعاية ، لكن كل ذلك على أهميته لا يقارن بما يحدث في غزة ياسيدي لسبب غاية في البساطة وبكل وضوح ؛ نكبة درنة وضواحيها إهمال فاضح يستوجب أقصى العقوبات التأديبية الممكنة ، من راح ضحيتها شهداء بإذن واحد أحد وماهدِّم من مبانيها فإن (للمال أفعاله يستفز) . أما عن مأساة زليتن والتي قيل أن مهندساً يوغسلاڤيا كان قد نبّه في سبعينيات القرن الماضي إلى خطورة وضعها الجيولوجي كما تنبأ بما يحدث الآن والله أعلم ، وماعلينا وقد صدقت النبؤة إلا أن نتكاثف لمعالجة الأمر ومن تم نحاسب المهملين ، هذا عن بعض شئون الوطن .
أما غزة فالأمر يختلف كلياً وليس قابل حتى للمقارنة .
مايحدث في غزة مؤامرة دولية مخطط لها بعناية فائقة ، تشترك فيها دول عدة منها حتى العميلة ، هدفها ليس غزة فحسب ولا حتى الأراضي الفلسطينية مجتمعة بل تتجاوز ذلك إلى كل أرض عربية تجاورها وإن كانت من دول الخيانة والخنوع تلك التي تسمى دول التطبيع .
هذا ليس تخمين ، ولا هو من باب التهويل ولكنني أدعوكم إلى مراجعة خطاب النتن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها المنصرمة والتي أكدها بالخارطة التي كان يلوح بها ويشرح بها ماتطمح إلى تحقيقه تلك العصابات الهمجية ، والوسائط الإعلامية على إختلافها مكتظ إرشيفها بتصريحات الغوغائيين من الصهاينة وأذنابهم يعبرون فيها بكل وقاحة عن هذه الرغبة المحمومة في الإستيلاء على الأراضي العربية . ذات لقاء مرئي أجري مع المغدور ياسر عمار أخرج المناضل الفلسطيني من جيب سترته قطعة معدنية قال أنها عملة (إسرائيلية) منحوت في ظهرها خارطة الكيان الصهيوني المحتل تشمل إلى جانب أرض فلسطين بأكملها كل من أرض سيناء وكل لبنان والأردن وثلثي سوريا وثلاثة أرباع العراق وثلثاً من السعودية!! ليس الكلام من عندي ولا هو إكتشافي بل صرح به صاحب القضية الذي قد تكون صراحته هي من أودت بحياته . أعود فأقول : كل همومنا في الداخل لا يستعصى حلها لكن هموم الأمة الإسلامية تنتظر غيرنا ، أولئك الجديرون بالإنتماء إليها .