غُرْبَةُ المَشَاعِر

غُرْبَةُ المَشَاعِر

كتبت / سليمة محمد بن حمادي

كم أعشق تفاصيل فصل الشتاء في وطني وسحر جمال الشرق الليبي بالذات… و(الذي أقطنه وأتخذ منه عنوانا منذ صحوت على الدنيا )..فطبيعة الشرق الليبي لها ميزة خصها بها الله سبحانه وتعالى فجمعت بين الجبل.. والسهل.. والبحر والشلالات والجنادل.. والعيون.. وطبيعة خلابة تسحر القلوب وتنعش الروح…. تصريحات أدلى بها الكثير و الكثير ممن زار شرقنا الليبي واستمتع بهذا الجمال الخلاب.. من أصدقاء و زملاء و ممن قرأت عنهم…من كتاب وفلاسفة و مؤرخين…دونوا انطباعاتهم وصرحوا بها بكل طلاقه وصدق فصل الشتاء له في الذاكرة حكايات بل و روايات .. من عبق (و دفْء حوشنا) وأنفاس أمي…و تفاصيل أخي وإخواتي.. الاستيقاظ على صوت والدي الهادئ تاليآ آيات من كتاب الله (القرآن الكريم) من صباح يوم الجمعة له في الذاكرة عنوان لا ينسى… (تزورني تفاصيله كل يوم جمعه إلى الآن في الذاكرة) للسعات البرد مشاعر محببة تعترينا وهي تشاكس أطرافنا..و رائحة السحلب بالقرفة من صنع أمي .و قهوة خالي و إطلالته المهيبه قبل صلاة الجمعة والتي عودنا عليها و زهُوّ أمي بزيارته لها أمام والدي والفرحة تسكن عيونها ( عرفت قيمتها الآن) و جميعنا فرحون مستبشرون باستقباله ( يالا مشاعر تجديد العهد على ربط أواصر المحبة وصلة الرحم بين الإخوة..أين منا اليوم؟) ورائحة طعام و خبز تنور أمي الشهي…وبيتنا المضياف.. وعبير (الكستناء) والبرتقال تملأ المكان وهي تصاحب سهرات الشتاء الجميلة.. ودفء المشاعر والأحاسيس التي تدعو جميع أفراد الأسرة للمسامرة و تشهد المدفأة (كانون الفحم) بعبير البخور والمسك الدرناوي وأنصاف برتقال اللارنج (الشفشي ) المحاذي لأطرافه ( والسر من ورائه يمنع انتشار ثاني أكسيد الكربون في المكان و الذي يؤدي إلى الدوخه والغثيان وألم في الرأس ) بخبرة المرأة الدرناوية المدبرة.. على حكايات والدي الشيقة و المتنوعة والإنصات إليها بشغف مثل حكاية (الليالي البيض ) (الكوالح والطوالح الموالح والصوالح…) الأربعين ليلة ….كلها مشاعر يحركها فصل الشتاء في وجداني ويغازل بها خاطري المشتاق لمحيّا أحباب فارقونا .. هدير صوت أمواج البحر الغاضبة…(والذي يجاور عنوان منزلي بأمتار قليلة)..هذه الليلة الحالكة وبسبب طقس هذه الليلة الشتوية الباردة جدآ..والتي لم تستجب لكل الحيل على الرغم من استعانتي بدفاتري القديمة لاتباع كل الوسائل لتستكين و تتخذ للدفء عنوانا …خرجت منها باقتناع موقنة أن أقسى أنواع الصقيع من تسكن المشاعر ولم تغادرها ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :