بقلم : عوض الشاعري
ــ(الفتنة نائمة لعن الله من يوقظها)ــ
هل وصل الحال بثقافتنا اليوم إلى نشرالغسيل على الملأ، هكذا لمجرد أن يحاول أحدنا التعبير عن رأيه، أو تسجيل ما يجول في خاطره عن واقعنا الثقافي الذي لايسر عدواً ولاحبيباً ؟ هل تحول المثقف إلى سوط رسمي يلهب ظهر أخيه ؟. أم ترى أن البعض قد تحول إلى مدافع سري عن أجهزة الدولة الثقافية لغاية في جيبه ؟.. تساؤلات عديدة طرحت نفسها في صورة مقالات يملؤها الحزن، وردود مبطنة جاءت تزيد الغموض غموضاً، وبأسماء مستعارة.
لمصلحة من هذا الصراع المحموم على دراهم الأمانة ( الوزارة ) أيها الأعزاء؟
أتمنى أن يكون لوجه الثقافة ، أو لوجه هذا الوطن ـ(ليبيا )ـ ، التي ندّعي أنها في قلوبنا ، وأنها معشوقتنا . وفي الواقع قلوبنا مترعة بالضغائن، وباللمز، والضرب تحت الحزام .
يا سادة ليبيا للجميع، ولا فضل لغرباوي على شرقاوي إلا بما يعطي لهذا الوطن، ولا لساحلي على جنوبي إلا بما يمنح من جهده، وعرقه، وفيض قريحته، لصالح معشوقة الجميع .. فهل اختصرتم الوطن في رحلة إلى ملاهي كايرو، ومواخير كازا يا أحبائي ؟.
هل أتى حين من الدهر أصبحنا نزايد فيه على وطنيتنا ، لمجرد امتطاء حافلات السهم الذهبي ، أو طائرات البراق؟.. أم ترانا اختزلنا غرام ليبيا السادرة في بداوتها ونقائها ، بعدة ليال ـ دون ألوان ـ في فنادق طرابلس وبنغازي الكئيبة ؟.
يا أحبائي : فلندع كل مبتهج بسفرة يتمناها إلى وادي النيل، يذهب مصحوباً بدعاء صادق بالفائدة ، والعودة سالماً غانماً ، مادام عبق ليبيا ينضح من مسامه .. ولندع كل مرتحل إلى شواطئ الأطلسي طلباً للتجربة ، وإرضاءً لغروره الذاتي، مادامت قريحته ستنضح إن آجلاً أم عاجلاً، بما وقر في مخيلته و قلبه ، من عشق لتراب ليبيا المقدس، وأهلها الطيبين.
- أصابت قلمي الدهشة ، وأنا أتابع بعض الكتابات حول عملية الإيفاد ، أو حضور المهرجانات ، والمعارض الدولية ، والمحلية. ولن أذيع سراً، إذا ما قلت : شممت رائحة الفتنة تفوح من بعض الأقلام ، وكثيراً من السذاجة ينضح ما بين بعض السطور وأكثر، من الإقليمية والجهوية ، تبرز بوجهها البغيض ، لتلوي عنق التاريخ ، والجغرافيا أيضاً .. ولأنني كرهت السفر والترحال، بعد إصابتي بعشرات من خيبات الأمل والهموم ، التي لا مجال لسردها الآن. لن أخوض في هذا الجانب، ولن أجند قلمي البدوي البسيط لحروب وهمية، ومعارك مفتعلة ، ربما الخاسر فيها هو الثقافة الليبية ، والمثقف الليبي ( ولن أقول الحقيقي كما جرت الموضة هذه الأيام )، فالجميع يتحدث عن المثقف الحقيقي ، والجميع يبكي حال الثقافة ، وهي الثكلى الوحيدة على ما يبدو، بعد نزيف الأقلام غير المبارك ، الذي يسفح صباح مساء باسمها وعلى مذبحها ، أحياناً بألم وحسرة ، وأحياناً مشكوك في طهرها وبراءتها ، وولائها للوطن ، أو للثقافة على الأقل .
أعزائي : بكل تواضع، أتمنى أن نجنب ثرى ليبيا المبارك حروبنا الدونكيشوتية، ولعنة الله على الميزانيات، وعلى المال العام ، الذي كم أفسد أميناً ، أو أضل راشداً ، أو خرب دياراً، أو أفقد حبيباً ، أوضيع صديقاً عبر دهاليزه المقيتة .
فقط ، لنمجد هذا الوطن بنسائمه، بطيوره، بأشجاره، بزهوره، بعوسجه، ببطومه، بحنظله، بقزاحه، بعرعاره. فلنقدس ليبيانا، المضمخة بدماء الآباء والأجداد، ولنسجل حضورنا الحقيقي ـ إن أردنا ـ عبر كلمة حق تكتب بمداد غير مأجور أو مباع في أسواق النخاسة !!
بنغازي : 5-2-2007 م