كتب /الأديب محمد سويسي
الشوق رفيق و التأمل زواده . الفارق الزمني والمكاني معيشتنا عن حياتنا اليومية يبدو واضحا في حميمية بعضنا وكلنا الصحراء تحول يفاجئ رصيد عواطفنا فتدافعت الفطرة بقدراتها لتواجه كل إحساس قد يخلو من المودة . كلما شعرنا بالحاجة إلى التوقف لتفقد بعضنا ومعداتنا ولتنال طاوياتنا بعضا من هدوء محركاتها أجدني أسرح بقدمي لأمارس متعة المشي على أرض قد أكون أول من وطئها أمعن النظر حولي استأنس الصخور المتحولة والناهضة وسط الرمال أهي بدايات أم بقايا أقلب بعضها بوجل فرح أعلن هنا أنني أنا السؤال ولست الإجابة . في الطريق إلى جبال (( اركنو )) تلك الأوابد الرواسي والبعيدة بعدا بلا طرقات يتمدد عبر شاسع الزمان والمكان التعب يتخللنا ويتسرب بأطرافنا ومعداتنا كأنه الضباب علينا معايشته بلا تذمر بل والاطمئنان له كونه إعلاناً صريحاً كونك مازلت حياً . مما اضطرنا لآن نضع الرحال والمبيت قبالته منتظرين لقاءه مع الصباح وقد انطفأت قناديل السماء كان للنوم سلطانه والذي يبدو أنه هنا يمارس كل قدراته ففي الصحراء تنحسر الأعماق للحقيقة بلا تكلف . كان صباحا ليس ككل الصباحات فيا لروعة الصحراء التي لا تترك للنوم فرصة حرمانك من رؤية مشهد تخلق يوما إضافيا للزمن يتولد ما بين الأرض والسماء حين يعانق وميض النور الظلام وحيٌ يستنطق البعث معلنا اتقاد أنفاس يوما آخر في الأزل شيء ما أيقظني رغم كل التعب المتمدد بداخلي وكنت متكئا قبالة الشرق حيث بدأت ملامح (( اركنو )) تظهر على اتساع الأفق يتوهج كل ما حوله ويحتفظ هو ببنفسجة داكنة تستجلب النور في تدفقه . رسما كأبخرة عظيمه تواصل صعودها تتباين ملامحها قمما عملاقه متهادية كسحب الخريف عند مقدمة على آفاق البحر هناك في الشمال. بقيت عند متكئ جثوت لأستنهض وقوفي بذهول أدم عند اكتشافه خلقه البديع. في إطار حلم ربانيّ يفوق كل تصور مسبق فكل الألوان المتفوقة حضّرت تماوجها زخات الضوء تبعث لأْلأة سماوية يتلاشى عنها الظلام بانحسار لا تدركه الأبصار في موكب سيدة الصحراء وهي تعلن رحيل موكبها بكل أطياف النور المتخلق في عمق لا ألوان ولا أضواء . وكان (( اركنو )) يبدو كأن السماء اتكأت على أكتافه فيما يلقي بأطرافه إلى ((العوينات )) و ((بحري )) معلنا أنه سيد عمالقة هذه الناحية من الصحراء وتابعنا المسير نحوه في أجمل ما يكون اللقاء وكلانا مشرع للآخر يداه لم تكن المسافة قريبة كما كنا نراها وهذه إحدى الدعابات الصحراوية المتفوقة على حواسنا ورغم أنين عجلات طاوياتنا ومقاومتها لابتلاع الرمال إلا أن المشهد لم يتغير وظلت أعيننا معلقه بزجاج مقدمة السيارة بحثا عن إجابة ما قبل أن نصله ؟ ها نحن في حضرتك أيها الصاعد من رحم الصحراء تنحبس أنفاسنا تكتم محركاتنا أنينها نتحول إلى كتلة سكون قبالة محرابك علنا بهذا الصمت ندرك شيئا من تراتيل معارفك . الشمس أدركناها تكامل سيادتها توهجا راحلة إلى سقف السماء. هنا حبت طفولة الإنسان وعلية شهدت حيث بدأت كل الحقائق بدأنا البحث عن بقايا وشم تركه الأسلاف على جلد صخرها الداكن بلون بشرتهم.