ليبيا..الفرحة المسروقة !!

ليبيا..الفرحة المسروقة !!

  • المهدي يوسف كاجيجي

الفرح.. احساس انساني بالبهجة،والسعادة والسرور ولكل فرحة طعمها الخاص، فرحة الطالب بالنجاح، فرحة البكر بالزواج، فرحة وصول المولود الاول، فرحة اول مرتب الخ، واكثر الافراح بهجة هي فرحة الأطفال بالعيد، ولكل عيد طقوسه الاجتماعية والدينية الخاصة به الفطر بملابسه الجديدة وحلوياته الفريدة والاضحى بخروفه وقديده “قرقوش ” والميلود بقناديله الخ ،فرحة ليست مرتبطة بكبير أو صغير غني أو فقير، في حقبة الصراعات والانهيارات المتلاحقة فى العلاقات الاجتماعية بين افراد الوطن الواحد تسللت أيدى خفية لتوئد البهجة وتسرق الفرحة.

الخوف من المجهول
تقول طبيبة أمراض نساء شابة، تعمل في أحد مستشفيات طرابلس: يا عمي، لقد افتقدنا الفرح منذ وقت، كنت استمتع وابتهج بردود فعل مرضاي وأسرهم، وخاصة عندما انتهي من عملية ولادة، واخرج والجميع في انتظاري. وعندما أقول: مبروك زاد عليكم ولد او بنت، ترى في العيون وميضا ذا بهجة، ويلف المكان فرحة، وتسمع في القلوب زغاريد مكتومة. كنت استمتع ببهجة الفرح وانا أقرأ نتيجة التحليل للحمل اول مرة، كان لردة الفعل بهجة تنسينا متاعب العمل والسلبيات المحيطة به، بهجة الفرحة اختفت، وحل محلها نظرات الخوف من المجهول القادم.

بدلة العيد
ام من منطقة بن غشير، العيد على الأبواب، والقصف فوق الرؤوس، وهي تجري وتجمع مقتنياتها وأولادها. قفزت في السيارة التي نهبت الطريق للفرار من الجحيم همس طفلها ابن الرابعة، بصوت موغل في الحزن: ” حيه يام نسينا بدلة العيد “.

الموت المداوم
منذ ست سنوات كتب المبدع الاستاذ سالم قنيبر مقالا على صفحات ليبيا المستقبل تحت عنوان (ويا اهل بنغازي.. خيام عزاء) أذكر فقرة لا زالت منقوشة في ذاكرتي اختزل فيها المشهد الليبي في خمس كلمات (الموت المداوم الذي يغزو بيوتنا)

الفرحة المسروقة!!
عندما اتحد الليبيون جميعا، سقط النظام فانتظروا حصاد الانتصار، الذي لم يأت. ما الذي حدث؟ ،أختفى الامل، وسرقت فرحة النصر بما اطلق عليه الثورة، وحل مكانها حالة من التخبط واليأس والإحباط الجماعي، وانقسم المشهد الى مقاتلون يملكون السلاح، ويديرون معاركهم لحسابهم الخاص، دون الإعلان عن النوايا، وشعب مغلوب على أمره، يجري للحصول على قوت يومه، مهموما بالبحث عن وقود لسيارته او علبة لبن لطفله او انتظار الكهرباء التي أصبحت لا تأتى وكل المؤشرات تؤكد اننا في طريقنا الى عصر” اللمبارة “. شعب تعس سرقت منه الفرحة ودفع به في حرب قذرة خاسرة تدار من خارج الوطن مشبوهة الاهداف.

ايها السادة، لقد سرقت منا الفرحة، ووصلنا الى حالة من التشرذم. انتحر فيها الصبر، وغاب عنا العقل، ورحلت الحكمة، شعب عرف عنه عبر كل حقبه التاريخية أنه اصبر من الصبر. حكمته حضارات عظيمة، وحكمه صعاليك وقراصنة ولصوص، وبقي صامدا. حباه الله بالثروة، وتعداد سكاني اقل عددا مقارنة بحي شعبي في واحدة من دول الجوار. وبالرغم من كل ذلك فهو أتعس وأفقر شعب في المنطقة، في مستوى المعيشة والخدمات. شعب يعيش على حافة الفقر والعشوائيات والقلق الدائم من الغد. الم يحن الوقت لنطرح سؤلا علي انفسنا: متى سنستعيد فرحتنا المسروقة ؟.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :