ليبيا .. رحمة بالأمهات

ليبيا .. رحمة بالأمهات

  • المهدي يوسف كاجيجي

ايها السادة، دعونا نفكر بتمعن، وليختلي كل منا مع نفسه، بعيدا عن أي انتماء عقائدي أو حزبي أو قبلي أو إقليمي، بعيدا عن أي تصنيفات وتسميات أطلقتموها أنتم على بعضكم البعض. خضر وملونون، ملتحون وأمردون، عرب وأمازيغ، برقويون وطرابلسيون، أو حتى من تبقى من أهل الجنوب الفزانيون. دعوا كل التسميات التي أطلقتموها، والاعلام التي رفعتموها، بهدف توظيفها للانقضاض على البقرة الليبية. البقرة التي حلبتموها لبناً ودماً، ولم ترحموها، وغرستم انيابكم في جثتها الهزيلة، لتنهشوا ما تبقى منها. اصبتم بعمي البصر وفقدتم البصيرة، وأصابكم الجنون وتحولتم إلى قطط مسعورة تأكل ابناءها. نسيتم الحكمة الليبية القائلة (انسي الطمع ينساك فقر الدنيا) فأعماكم طمعكم فذكركم فقر الدنيا في كل مناحي حياتكم. تأملوا ما وصلتم اليه من انحدار، وما فعلتموه بأنفسكم، وكيف أخذتكم العزة بالإثم، ودفعتم بفلذات أكبادكم إلى المحرقة، وعندما عادوا إليكم في توابيت خشبية هزتكم المفاجأة، غير مصدقين حصاد أيديكم، فعدتم تبكون كما تعوّدتم. نسيتم أن ما حدث أخيرا في الكلية العسكرية بطرابلس ليس بجديد. يبدو أنكم نسيتم مجزرة براك الشاطئ التي ذبح فيها أكثر من مائة ضابط شاب من حديثي التخرج، ونسيتم او تناسيتم الآلاف من الشباب الذين يتساقطون يوميا في حربكم القذرة التي تخوضونها على ارضنا، لحساب الآخرين. حرب من لم يقتل فيها يعش بقية عمره مبتور الاطراف او مشوها عقليا. دعونا من أسئلتكم العبيطة التي تواصلون طرحها: من قتل من ؟! بهدف التنصل من الجريمة، وإلقاء التبعية على الآخر. بقليل من التمعن والصدق مع النفس، علينا أن نعترف أننا كلنا وبدون استثناء شركاء فيما فعلناه بأنفسنا، اللاعبون الذين تصدروا وتبادلوا الظهور في المشهد الليبي بفعلهم، والمشاهدون الصامتون بجبنهم.

رحمة بالأمهات
هزتني الصورة التي تبادلتها صفحات التواصل للأم الثكلى التي كانت في استقبال جثمان ابنها شهيد الحرب القذرة، فتذكرت كل الأمهات، وتذكرت أبياتاً من قصيدة حضرت مولدها منذ أكثر من نصف قرن للصديق الشاعر المبدع لطفى عبد اللطيف رحمه الله بعنوان ” جنيهات .. جنيهات ” يقول:
وسوف نموت وليس هناك من يرحم
لأن جدودنا ماتوا ولم نرحم
إذا علقم.. تذوق يا أخي المجرم
ولكن أنت لم تجرم، ولم نجرم
وقد نأتي وقد نمضي ولا نرجع
وسوف يضمنا البلقع
وليس هناك من يبكي
سوي أم بلا أسنان قد تبكي
لأن الدمع لا تشريه في المبكى جنيهات
وقد تشريه ذكرانا وآهات

أيها السادة، اما آن لنزيف الدم الليبي ان يتوقف ؟! ، اما آن لنعيق البوم وفحيح الأفاعي ان يصمت ؟! ، اما آن لجبال الحقد والكراهية أن تتصدع ؟!، أيها السادة رحمة بأمهاتنا أوقفوا هذه الحرب القذرة لعل الله يغفر لنا ما فعلناه بأنفسنا، ويرحمنا مما هو قادم.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :