محمود السوكني
ترددت كثيراً قبل أن اشرع في طباعة هذه الكلمات في حق المؤتمر السنوي الأول للإعلام العربي الذي شهدته مدينة بنغازي الأبية في الآونة الأخيرة ،أسباب عدة كانت وراء ترددي لعل أبرزها أنني قد حظيت خلال فعالياته بتكريم مسيرتي الصحفية رغم تواضعها !
لا اخفيكم سراً ، فأنا لازلت حتى اللحظة أعيش نشوة التكريم الذي فوجئت بالأستاذ الفاضل ” خالد الدائمي ” يخطرني به قبل إنعقاد المؤتمر ، إن تكريم المرء في حياته من أصحاب المهنة وفي حضور بعضاً من أساطينها له وقع شديد التأثير لا يمكن وصفه ، ولا يحسن المرء التعبير عنه بالدقة التي تترجم مشاعره وتعكس ما يعتمل في صدره . ذهبت إلى بنغازي لأنني أحب هذه المدينة كثيراً ، إذ تربطني بها أواصر صداقة متينة تعود إلى عقود غابرة ، كنت في سبعينيات القرن الماضي أفتعل أسباباً واهية لأشد الرحال إلى هناك حيث التقي “علي الفزاني” وأقتنص بعض الوقت لرؤية “الصادق النيهوم” وأشاكس “فيصل فخري” وأوناش “أحمد الرويعي” وارافق “عبدالحفيظ المقصبي” إلى مقهى في ميدان الشجرة ، وارتمي شوقاً في أحضان خالي تاجر الدهب المعروف في سوق الظلام “الحاج عثمان عبدالله الهوني” الذي انعم بصحبة أسرته الكريمة حيث الضيافة الباذخة ، كانت بنغازي الملاذ الآمن والحضن الدافيء مرتع الكرم والسخاء وملتقى الأحبة الأوفياء .
و..ذهبت إلى بنغازي وأنا مغمور بسعادة لا توصف ، فأنا ادخلها هذه المرة لأكرّم على رحلة عطاء تجاوزت النصف قرن من الزمان ، بحضور بهي لزملاء ، وأصدقاء ، ورفاق اجلّهم ، في محراب الكلمة وفي دنيا مهنة المتاعب ؛ جال في خاطري أنذاك شقيقي الشاعر والصحفي الأستاذ “علي السوكني” الذي غادرنا على عجل ، وتذكرت من علّمنا واوقعنا في حب هذه المهنة أستاذنا الشاعر والصحفي الكبير “محمد السوكني” أطال الله في عمره ومتعه بموفور الصحة ودوام العافية . لا استطيع أن اصف مقدار البهجة التي غمرتني وأنا استلم درع التكريم وهو عبارة عن مجسم لمنارة بنغازي تسابق أبنائي على تقبيله والإحتفاء به فرحاً وإبتهاجاً .
كما اسلفت ، أني لأجد أن الحديث عن هذا الحدث الغير مسبوق محرجاً وشديد الحساسية بالنسبة لي وأنا الذي حظيت بتكريمه ، وبالنالي فإن شهادتي مجروحة ولا يمكن أن تقبل كما هي دون أن تصيبها سهام الإتهامات الباطلة . كل ما استطيع قوله إنني شديد الإمتنان لمن كان وراء هذه التظاهرة الرائعة ومن كان سبباً في إقامتها وإخراجها على هذا النحو المبهر على أمل أن تكون بداية عمر مديد لمؤتمر سنوي لا يتوقف .
