من دفتري الهولندي 2 ” إي كيا ، I K E A “

من دفتري الهولندي 2 ” إي كيا ، I K E A “

تَنّوَه 

مايشبه ترسب التجارب والمعرفة  

سعاد سالم

soadsalem.aut@gmail.com

تلتصق الحروف الصفراء على البللوك الأزرق ، يقول المقال ، وتنتصب هذه الشركة غالبا في الأمكنة التي تجعل الجميع يرونها ، على الطريق السريع مثلا، وهذا صحيح ففي باريندريخت يمكن رؤية العلم واللوقو قبل أن يدّور حسن زوج اشرف مقود سيارته، لننضم إلى باقي السيارات المصطفة في القاراج المخصص تحت المبنى الخرساني الكبير ،و كنا قبل قليل فوق الجسر على الطريق السريع ننظر ل “إي كيا” من فوق وهو يتمدد في بهاء وعلى مساحة مهولة ، خابرتني أشرف في بداية الأسبوع لتسأل إن كنت أرغب في الإنضمام إليها وحسن لإفطار السبت في ايكيا ، وفورا وافقت ، كانت شهور طويلة مرت على اكتشافي الثمين ،ولم أجد الجرأة للذهاب بمفردي إلى البناء الخرساني النائم على بعد 2 كيلومتر مني .

في 1886م قدم الجد والجدة “كفامن” من ألمانيا إلى السويد ، وهي البلد التي ولد فيها لاحقا انكيفار في العام 1926، اشترى الجد “آخييم ” قطعة أرض بالبيت الصغير الذي عليها ، وهكذا نفذ المال ، فطلبه من البنك الذي رفض إقراضه ،

ذاك المصرفي يكن الكراهية للألمان ، الجيران أيضا يكرهون الألمان ، لم يحتمل الرجل حصار الفاقة والكراهية فأطلق النار على نفسه وترك السيدة “كفامن “مع ثلاثة أطفال .

ثمة يافطة تشير أين نجد المطعم ، فصعدنا مع عدد قليل من الناس للإفطار في الصباح الباكر ، بواحد يورو فقط لكل شخص ، خرابخ =مسلي قلت ، أجل فعلا ضحكت أشرف ، ذهب حسن بعربة لجلب طلباتنا وليدفع من جيبه الثلاث أورو عدا ونقدا ، فيما اتجهت مع أشرف إلى الصالة الكبيرة ،اخترنا طاولة قرب الواجهة الزجاجية الضخمة ، فصرنا قريبين ما يكفي لمراقبة الطبيعة والناس والسيارات وهي تهيم في الجوار ، فيما نجلس وسط رائحة القهوة و البيض والنقانق ، فوق كراس بيضاء في قاعة بيضاء ، يتدلى من سقفها المعدني العالي مصابيح تشبه الكرات ، وفي زوايا أخرى مثل الكمثرى مايجعل المكان الذي يمتلئ رويدا ، كونٌ آخر في بُعد آخر ، لولا أن وضع حسن الصحون أمامنا ،وعَلَا الكلام مع بخار الشوربة الهولندية الكثيفة ، والبطاطس المهروسة والقهوة مع الكروسان الغني بالزبدة .

كبر اليتامى كما كبروا وأنا هنا اكرمش القصة ،واختصرها تماما كما تفعل حنّاي مع الخرافة ،وعمل الإبن الأكبر “فيدور” والد “إنكفار” بائعا للكبريت ، يضع الأعواد في علب صغيرة ويركب دراجته ليوصلها إلى الزبائن ،ولكن الولد الذكي كما يصفه الكاتب ويقصد “إنكفار” اشترى بنقود قليلة أشياء مثل الساعات ، أحزمة ، ملابس ، أقلام ، وبذور ، وهكذا كسب بعض النقود .

 أجلس فوق الصوفا الخضراء في البيت الصغير الذي يضئ بأفكار إيكيا في التصميم لأصغر المساحات ، وجربت الصالون ذو الزاوية الذي سيكون رائعا في شقتي أليس كذك ،أشرف ؟ رائع قال حسن وهزت أشرف رأسها وابتسامتها الجميلة تتكلم : أجل ، حتى ذلك الوقت كانت جدران شقتي في اللون السماوي تشعرني باليأس من امتلاك شيء كهذا ، دخلنا كل المطابخ المفترضة ،والمكاتب، وغرف النوم ،وجربنا النوم والجلوس ،فضلا عن التخيل فهنا يقدمون المقترحات ، وكأن لكل واحد فينا مصمم ديكور خاص به، ومثلما يفعل كل هذا الجمهور الذي ملأ المكان ما إن ارتفع الصباح ، تتبعنا المسارات المرسومة بأسهم على الأرضية ، هنا يوجد كل شيئ تقريبا ، كل المفروشات وكل المكملات من بطارية الساعة وقلم الرصاص إلى الموكيت وورق الحائط وفرشاة التواليت والنجف والتحف والشموع وآخر قسم مشتل كبير دلفنا منه إلى ممرات واسعة بجدران شاهقة تتسلقها رفوف تصطف عليها البضائع الجديدة أنها مخازن مكشوفة، وهكذا حتى نصل منطقة الدفع ، طوابير طويلة صابرة ، قبل أن نتحرر أخيرا ،في البهو الخارجي المزيد من الدكاكين للمأكولات، مارأيكم في غذاء خفيف ؟ سأل حسن محركا نظره بيني وبين أشرف ، كنت جائعة أكثر مما اعتقدت ،همهمنا أنا وأشرف بالموافقة ، جلسنا في شبه دائرة حول طاولة مرتفعة نلتهم شطائرالسجق ، ونمص العصير البارد .

إي “إنكفار”اسمه ، “كا ” “كامبراد” كنيته ، أي “ألمتاريد ” البيت الذي ولد فيه ،     آ “آقوناريد” اسم قريته ، هكذا ألف إنكفار اسم شركته وهو في السابعة عشر ،وفي العام 1948 بدأ في بيع الموبيليا ، يقول المقال .

بيت العطلة

ابتكر إنكفار صالة العرض ،واصلت تافكا قراءتها البطيئة لفقرتها من المقالة ، الآن انتشرت هذه الصالات في كل مكان، أما ذلك الوقت ، فإنكفار وفقط ، هنا غيرتُ بعض الكلمات في الفقرة المملة ،( خود سوو) قراءتك تحسنت ، قالت لودفينا ،  مخاطبة تافكا سيدة عراقية كردية، وكما يحدث غالبا لمن قدمن في أواخر التسعينات إلى هولندا ، تنهمك الأمهات الصغيرات في عالمهن المحدود ، يحصرن في مملكة نساء الشرق ،الإنجاب ثم التربية ودائما أعمال البيت ، فلا يذهبن لتعلم اللغة ،قد يتكلمنها بركاكة بعدما إلتقطنها من الأولاد الذين كبروا الآن ،بعضهم استقل بحياته فيما تبقى وقت فائض لتافكا تقرر انفاقه في تعلم القراءة ،وهكذا التقينا على طاولة مقهى اللغة  ، لمعت عينا تافكا ولمست شعرها العسلي المتدفق كشلال ومررته خلف أذنها ، دلالة على التوتر حسب خبراء لغة الجسد ، وأي شخص سيعرف أنها مرتبكة، تافكا متوترة ااااااوأيضا سعيدة ، انتقل اهتمامنا إلى  ماسوما ، سيدة أفغانية في بداية الثلاثينات ، يخفي شعرها وشاح وردي داكن ينعكس على وجهها أو هكذا تخيلت، ،أنها تعلن : كنتُ هناك نهاية الأسبوع ، تقصد ايكيا ،وات لووك ( كم هذا لطيف) جاملتها لودفينا وسألتها هل اشترت شيئا ؟ أومأت ماسوما برأسها ،أجل، ولكنها لم تصرح بما أشترته ، في الغالب نبدأ دردشة مقهى اللغة عدى تلك الظهيرة ،بسؤال لودفينا عن شيئين رئيسيين ، ماذا فعلنا نهاية عطلة الأسبوع ، وماذا نرغب أن نفعل اليوم ، تافكا! الفقرة لم تنتهِ  ، ما المكتوب تحت الصورة ؟،   لودفينا تسأل تافكا  ،همهمت تافكا، ها؟

وهي تعود للنظر في المربع تحت صورة البيت في المقالة ، وقرأت : “ألماترايد” البيت حيث عاش انكفار كامبراد ، تحول الآن إلى بيت عطلة للسواح .

________ تافكا في اللغة الكردية تعني شلال .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :