- خاص فسانيا :: ( وانغ تشيمين القائم بأعمال السفارة الصينية لدى ليبيا)
رغم أنه لم يمر الربع الأول من عام 2020، إلا أن سلسلة من الأحداث الضخمة على الساحتين الدولية والإقليمية تجعله عاما مختلفا عما سبقه. كما يربط مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) المفاجئ تفشيه مصير بلدان العالم بشكل أوثق. لقد أصبح الوباء أول موضوع يتحدث عنه الأصدقاء الليبيون عندما يقابلونني. فأود أن أعرفكم ببعض المعلومات من عدة جوانب يهتم بها الجميع.
أولا، الجهود التي بذلتها ومازالت تبذلها الصين لمكافحة الوباء هائلة وفعالة. فمنذ ظهور كوفيد-19 في نهاية السنة الماضية، كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يقود المعركة ضد فيروس كورونا الجديد بنفسه ويصدر تعليمات وتوجيهات مكثفة، ويقوم بأعمال تفقدية في الجبهة الأمامية لمكافحة الوباء. كما تم إغلاق مدينة ووهان عاصمة مقاطعة هوبي بؤرة الوباء التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 10 ملايين نسمة، وبناء مُستشفَيَيْنِ ميدانيين بسعة 2600 سرير في غضون 10 أيام، إضافة إلى إرسال أكثر من 300 فريق طبي وأكثر من 40,000 عامل طبي إلى مقاطعة هوبي. تزامن تفشي الوباء مع عيد الربيع الذي يعد أهم عيد تقليدي صيني، فبقي جميع الصينيين في منازلهم استجابة لدعوة الحكومة لمحاربة الفيروس بطريقة بسيطة لكن فعالة. لذا قال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، “لم أر قط مثل هذه التعبئة في حياتي”. ووفقًا لبيانات 18 مارس، تم تسجيل 34 حالة إصابة جديدة وكلها حالات مستوردة ولا حالة إصابة جديدة من مقاطعة هوبي. قد شهد وضع كوفيد-19 في الصين تغيرات إيجابية وتحققت نتائج مهمة على مراحل.
ثانيا، تجسدت بجلاء الإنجازات التي حققتها الصين في محاربة كوفيد-19 مزايا نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. هناك كثير من الأصدقاء الليبيين سألوني، الصين دولة كبيرة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، وتزامن تفشي الوباء مع ذروة السفر لعيد الربيع، فكيف تستطيع التغلب على الصعوبات المختلفة واحتواء الوباء في فترة زمنية قصيرة؟
أجبتهم قائلا: إن أهم سبب يرجع إلى مزايا نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والقيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني. في مواجهة هذه المعركة غير المسبوقة منذ تأسيس الجمهورية، تتخذ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني التي نواتها الرئيس شي جين بينغ أعمال الوقاية والسيطرة كاختبار مهم لمنظومة وقدرة الحكومة، وظلت تضع حياة وصحة جماهير الشعب في المقام الأول؛ كما تنسق جميع المقاطعات والوزارات والمؤسسات والقطاعات بعضها مع البعض بشكل وثيق في ظل التعبئة العامة بما تجمع الموارد والقوى إلى أقصى حد وفي أقصر وقت؛ أما الشعب الصيني كله يسرع مع الشعور بالملكية والمسؤولية إلى ميدان المعركة ضد الوباء. إن ميزة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية المتمثلة في تركيز جهودها على الأولويات هي التي تضمن سير أعمال الوقاية والسيطرة بكفاءة وبطريقة منظمة.
ثالثا، لن يتغير اتجاه الاقتصاد الصيني نحو الأفضل على المدى الطويل بسبب الوباء. حقيقة أن “كوفيد-19” باعتباره طوارئ الصحة العامة قد أحدث تأثيرًا على الاقتصاد الصيني، لا سيما قطاعات النقل والسياحة والمطاعم وإلخ. ومع ذلك، فإن تأثير الوباء في نظرة شاملة قصير الأمد ويمكن السيطرة عليه، إذ يحافظ مستوى المعيشة الأساسية والوضع الاجتماعي على الاستقرار. في الوقت الحاضر، يجري استئناف أنشطة الإنتاج والتشغيل بشكل منظم، حيث بلغ معدل استئناف الشركات الصناعية الكبيرة والمتوسطة الحجم %85.6. لم يتغير الاتجاه التصاعدي الداخلي للاقتصاد الصيني. كما قال الرئيس شي جين بينغ، “الاقتصاد الصيني بحر وليس بركة صغيرة”. إن الاقتصاد الصيني يتميز بمرونة وافرة وهامش مناورة كبير وقدرة الدفاع والشفاء القوية التي تمكنه من التغلب على الصعوبات والمخاطر الحالية والعودة السريعة إلى مسار النمو المتجه إلى الأفضل.
رابعا، ظلت الصين تلتزم بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية في مكافحة الوباء. منذ اندلاع الوباء، الصين تؤكد على التضامن والتعاون، وتنسق بنشاط مع منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي وتتبادل المعلومات ضمن جهودها في تقديم الحكمة الصينية والحلول الصينية للبلدان الأخرى. لحد الآن، قد تبادلت الصين عددا من الوثائق الفنية بما فيها برامج الوقاية من الوباء ومكافحتها وبرامج التشخيص والعلاج مع أكثر من 100 دولة وأكثر من 10 منظمات دولية وإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، مدت الصين بعد تغلبها على الضغوط الداخلية أيدي المساعدة إلى الدول التي تعاني من وضع خطير مثل إيران وإيطاليا، كما قدمت مجموعة من كواشف الاختبار إلى الاتحاد الأفريقي لمساعدة البلدان الأفريقية بما فيها ليبيا على مكافحة الوباء.
وسنواصل تقديم المساعدات بما في وسعنا. إن الصين تطبق مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وتتحمل مسؤوليتها كدولة كبيرة من خلال الإجراءات العملية. في ظل الوباء، لا يمكن لأي بلد أن يصبح جزيرة معزولة آمنة. في الوقت الراهن، ينتشر الوباء عالمياً وقد وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه “جائحة” بما يشكل تحدياً مشتركاً يواجه البلدان. في عصر العولمة، لا يمكننا تحقيق النصر النهائي على الوباء عالميا إلا إذا التزمت جميع الدول بأخلاقها ومسؤوليتها،. أود الإشارة إلى محاولة بعض الدول والسياسيين توظيف الوباء سياسيا وإثارة جدال باستغلال مصدر الفيروس وغيره من المواضيع. إن هذه الممارسة غير البناءة ليست في صالح أعمال الوقاية والسيطرة في بلادهم، بل ستثير الهلع والتمييز كما تصنع مقاومة وضجة للتضامن العالمي في مكافحة الوباء. لقد مضى الشتاء البارد وحل الربيع الدافئ في موعده. أنا على ثقة تامة أنه ما دامت جميع البلدان تقف في صف واحد لمكافحة الوباء ، فبالتأكيد سننتصر عليه ونخرج من المأزق المؤقت وصولا إلى مستقبل أكثر دفئا وإشراقا.