نَظْرَتِي

نَظْرَتِي

  • سالم أبوخزام

فوكوشيما تعرضت إلى ضربة بالقنبلة النووية في اليابان لكنها نهضت من جديد !! أحد أبنائنا الطلاب سافر إليها بقصد إكمال دراسته فأعجب بها أيما إعجاب ، كان ذلك بعد العام 2011م ، الجامعة والشوارع والأبنية والنظام ، كل شيء على الطريقة اليابانية في منتهى التنظيم والنظام . الجامعة والدراسة والمكتبات ، وحضور الأساتذة دخول وانصراف الطلاب ، فحدث ولا حرج . .. سرّه دقة المواعيد وانضباط الناس في الشوارع وأوقات فسحتهم ، كأنك في خلية نحل فلا مجال للأخطاء إلا ماندر . في شقته يتابع ” مصطفى ” البرامج التلفزيونية لأحد القنوات بفوكوشيما ، فإذا بهم يعلنون عن طرح الأحمال الكهربائية ، قبيل الموعد بيوم واحد من الساعة الرابعة مساء حتى الثامنة من نفس مساء ذاك اليوم . المذيعة تشدد وتنبه عامة الناس على ذلك وتهيب بهم تنظيم أنفسهم ، ومواعيدهم فثمة من يحتاج أن يكنس ، أو يكوي ملابسه ، أو يسخن الماء بالسخانة ، أو أن يجهز أيا من حاجياته باستخدام الكهرباء في نفس التوقيت . .. بالطبع “مصطفى ” جهز كل احتياجاته قبل طرح الأحمال ، لكن جاءت الساعة الرابعة ، والخامسة انتهاء بالثامنة مساء ولم يحدث أن قطع التيار الكهربائي . في اليوم التالي وكالعادة ذهب مصطفى إلى الكلية ولم ينس أن اليابانيين أخطؤوا في طرح الأحمال !! .. فضوله قاده لسؤال أحدهم ، بالأمس لم تطرح الأحمال من الرابعة وحتى الثامنة مساء رغم الإعلان التلفزيوني ، ترى لماذا حتى في اليابان يحصل ذلك ؟ أجابه أول مجيب ، في طرح الأحمال تقوم الناس في المدينة بحسب المكان المحدد بإطفاء الأنوار طواعية وبالكامل تماما ونهائيا !! .. ضحك “مصطفى ” من أعماقه ، إنه الوحيد المخالف بالمدينة !! لطرح الأحمال لأربع ساعات كانوا في احتياجهم لمكان آخر . .. فإذا هذا هو حال المواطن الياباني ، تلقائي الانضباط مضبوط في التنظيم ، وبما لا يخالف إعلانا تلفزيونيا !! أدرك “مصطفى ” الفارق ، سلوكا وأخلاقا وتدريبا وبالتالي حضارة عريقة تصنع وتحدث في زمن حاضر . وتساءل “مصطفى ” في نفسه متى لنا أن نصل إلى تلك الحضارة وتلك القيم ، والانضباط الطوعي في كل شيء . أدركنا كلنا أن الحضارة منشؤها فرد ، وهو الأساس لكل القيم النبيلة !! متى ندرك ذلك ؟ وكيف لنا أن نلحق بهم ؟ لنفهم أسرار البناء وكل هذا التقدم الحافل والمدهش . إنها عقلية الإنسان ، فحدث !!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :