ناجي نصري
و بي ظمأ لو أن هيما حبيسة
عن الماء عاما ما بللن شفاها
ترصدها الرعيان جهرا و خفية
و سدوا عليها برءها و شفاها
تعالجها بالسوط كل قبيلة
و يلسعها بالكاويات فتاها
تلاقيه تستثني من الضيم نفسها
و تدرك أن العام ضام سواها
و تدرك أن النائحات عنينني
بنوحة ثكلى قد أبيح حماها
و أن الذي أعطى العطية ردها
و أن الذي رام القلوب رماها
أهيل المراثي فوق جثة قصة
أراعي وصاياها لنيل رضاها
و إن دون جدوى فالمحبون دينهم
توقي المنايا أن تجرب فاها
بضوعة ذكرى أن تضيع ملامحي
و أُنسى و تنسى خيمتي و عراها
و بي من حريق الحرف سجعة شاعر
أماط اللظى عن قلبه و تباهى
فصار نبيا ثم أصبح شاعرا
لسيع عجاف ثم صار إلها
يكور أحزان المدائن و القرى
و يمسك عن أرض العصاة سماها
و يحمل أوزاري إليها و جنتي
و أقفو و تقفوني إلي خطاها
أنا المنتشي بالخلق أبسط غيمتي
فأعلي جباها أو أكب جباها
مخيلة حبلى و ذاكرة سدى
و بوصلة يهذي مدار رحاها
تعيرني أني أضيع و إنها
مضيعتي في ضوعها و شذاها
و بي غصة ما بي سواها تخب بي
إلى شهقة إذ تستعيد صداها
فأعدو بواديها و أبلغ ماءها
و أصعد فيها أستبيح علاها
و أرتق قلبي أن يريق حبيبه
إذا النفس حنت و استبد عماها
و أرتق قلبي كي يظل على هدى
و يحفظ ذكرى الساحبات مداها
و أرتقه خلف المدى و هي خلفه
تماهت به في وحدة و تماهى
و أعصره عند الذي فيه غيمة
فينكر منها وجهها و قفاها
و ينكرها حتى لتمطر وحدها
فلم يدر يحيا أم يموت فداها
و بي أنني أشدو و ما أنت سامع
فناحت مواويلي و ثل لواها
فما كان يغري كبرها ألف عاشق
و قد جاوزتهم في هواك يداها
فلما أباحت حضنها لحبيبها
رماها فأدمى كفها و لواها
و ألقى عليها لومة في محلها
و لكن بإسراف المذل رواها ..