عيسي رمضان
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك [القصص:77]. .
بإمكان المسلم أن يجمع بين العمل للدنيا والآخرة،ويحول حياته كلها إلى أجر وثواب وطاعة وعبودية لله تعالى؛ وذلك لايكون إلاّ باستصحاب النية الصالحة في أعماله العادية، فيسعى في تحقيق مصالحه الدنيوية والأخروية معًا.
عليه أولا أن يعلم علما يقينيا أن الإسلام الذي شرفنا الله به وأكرمنا من فضله بالانتساب إليه كأمة واحدة، وأننا من خير الأمم، أنه دعوة إلى الحياة التي لا تموت ودعوة إلى العزة التي لا تستبعد، ودعوة إلى العزة التي لا تذل، وإلى العمل الذي لا يفتر، وشعارنا هو إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وأنه منهاجا للتربية والتهذيب لا تزمت فيه ولا تجمد، مرونته سماوية، ويسره رباني مرن في غير ميوعة، ويسير في غير ابتذال، كله رحمة وهداية وسعادة واطمئنان فقد جمع الله فيه بين الحياتين الأولى والثانية جمعا عجيبا، وربط فيه بين الدين والدنيا ربطا غريبا.
فاعلم بأن الله تعالى كما يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، وكذلك يحب الذين يقفون في صلاتهم صفا متصلا متساويا، لا توجد فيه فرجة يدخل منها الشيطان، ولا يوجد فيه اعوجاج يخرجه عن الاستقامة والجمال وليس من شرط العمل للآخرة أن ينطوي الإنسان عن الناس بل الأصل هو تفضيل المخالطة على العزلة، كما هو منهج الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وجماهير الصحابة والتابعين والعلماء وقد قال صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. رواه الترمذي وابن ماجه.
وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي… رواه مسلم.
فالجمع بين كسب رضا الله ورضا الناس يمكن تحصيله بإتقان العمل والبعد عن الغش فيه ابتغاء وجه الله وامتثالًا لأمره بالوفاء بالعقد الذي بينك وبين من تعمل معه وعملًا بقوله عليه الصلاة والسلام: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه”. رواه أبو يعلى والبيهقي في الشعب،, وقوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم.
بهذا الفهم تكن جمعت بين الدين والدنيا والاخرة وحققت مراد الله تعالى من الآية وهي وجهة الخير في الإسلام التي تجمع بين مصالح الدنيا والآخرة.