زلينسكي، بين مطرقة بوتين وسندان ترامب

زلينسكي، بين مطرقة بوتين وسندان ترامب

مالك المانع

  في عالم السياسة الدولية المتشابك والمليء بالتحديات ، يتصدر اسم الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” المشهد منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. هذه الحرب التي جعلت من زيلينسكي لاعبًا محوريًا في السياسة العالمية، ومتأرجحًا بين ضغوطات مختلفة، أبرزها الضغوط الروسية بقيادة الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” والضغوط الأمريكية التي يمارسها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” . يتشكل الآن مشهد معقد يتطلب من زيلينسكي سياسة حذرة وخيارات دبلوماسية دقيقة، في ظل مشادة كلامية قد تكون بداية لمرحلة جديدة في علاقات الولايات المتحدة وروسيا ، وتأثير ذلك على مسار المعركة في أوكرانيا ، ففي الأيام الأخيرة، شهد البيت الأبيض مشادة كلامية لافتة بين الرئيسين الأوكراني والأمريكي دونالد ترامب، في إشارة واضحة إلى التحولات الكبيرة التي قد تشهدها السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا. خاصةً وأن ترامب كان قد صرح في أكثر من مناسبة بأن الحرب في أوكرانيا قد تكون “فرصة لتصفية الحسابات” بين الولايات المتحدة وروسيا، متسائلاً عن سبب استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا إذا كانت الحرب تؤدي فقط إلى إضعاف الاقتصاد الأمريكي. هذه التصريحات جاءت في وقت حساس، حيث كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تشهد تحولات محتملة في ظل الضغط السياسي الداخلي في واشنطن.

من جهة أخرى، زيلينسكي الذي يعتمد بشكل أساسي على الدعم الغربي، بما في ذلك الدعم الأمريكي، كان واضحًا في تصريحات لمهاجمة أي محاولة لتقليص المساعدات العسكرية والمالية المقدمة لأوكرانيا. إذ يرى زيلينسكي أن استمرار الدعم الأمريكي هو مسألة حياة أو موت لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي. هذه المشادة بين ترامب وزيلينسكي تشير إلى تحولات محتملة في استراتيجية الدعم الأمريكي، مما يضع زيلينسكي في موقف بالغ الصعوبة.

و في خضم هذه المشاحنات، يلوح في الأفق احتمال التقارب بين الولايات المتحدة وروسيا. بعد سنوات من الخطاب التصعيدي والتهديدات، قد تكون هناك فرصة لفتح قنوات حوار جديدة بين البلدين في ظل التغيير السياسي في واشنطن، خاصة بعد فوز ترامب في الانتخابات الأخيرة . فقد بدا جلياً أن هذا التقارب سيحدث على حساب أوكرانيا و أوروبا، في الوقت الذي تم فيه التفاوض على حلول سياسية تفضي إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سلمية تضمن مصالح روسيا في أوكرانيا.

ورغم أن الكثير من المحللين و السياسيين لا يتوقعون الكثير من هذا التقارب في الوقت الراهن، إلا أن التاريخ الأمريكي الروسي قد شهد تحولات مفاجئة و غير متوقعة و في حال نجح الرئيسان الأمريكي و الروسي في تمرير الاتفاقية المزمع عقدها في البيت الأبيض فإن أوكرانيا ستكون هي الخاسر الأكبر في هذه المعادلة ، إذ ستجد نفسها محاصرة بين قوتين عظيمتين تتنازعان على مصالحها. وهذا سيؤدي إلى وقف المعارك على الأرض، و لكنه سيؤدي إلى إعادة رسم الخرائط الجغرافية و السياسية في المنطقة.

و من ناحية أخرى، إذا استمر الدعم الغربي لأوكرانيا، فإن الوضع قد يزداد تعقيدًا، حيث ستظل روسيا في حالة تأهب قصوى، مما يعزز من احتمالية تصعيد النزاع. في ظل هذه التطورات، يظل زيلينسكي بين خيارين صعبين، إما السير في الطريق الذي رسمته الولايات المتحدة، أو التفاوض مع روسيا بحثًا عن حل دبلوماسي قد يشمل تنازلات مؤلمة.

 وفي النهاية، يبدو أن زيلينسكي يعيش في أصعب مراحل هذا الصراع في ظل مطرقة بوتين وسندان ترامب، حيث تزداد الضغوط عليه من جميع الأطراف. إن الخيارات التي سيختارها ستحدد مصير أوكرانيا والمنطقة ككل في السنوات القادمة. هل سينجح في الحفاظ على الدعم الغربي، أم أن التغيرات السياسية في واشنطن وروسيا ستؤدي إلى إعادة هيكلة تحالفات جديدة ، الأيام القادمة ستكشف المزيد عن هذه التحديات.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :