بقلم :: علي ضوء الشريف
من المفارقات أن نرى سبتمبر يعود من جديد ؛ وفي اطار المصالحة بين من اتفقوا عليه في السابق ، ولكنه كما يقولون ؛ هو الوطن .
هذا الخروج للفريق كنه أثار لغطاً كثيرا بين مختلف المشارب السياسية ، وأبرزها التيار الذي ينتمي إليه ، والذي ( أي تيار سبتمبر ) اعتبر في جزئه أن هذه المبادرة ما هي إلا نكوص عن المبادئ ، بينما رآها الجزء الآخر أنها رؤية وطنية حكيمة فرضتها ظروف الواقع والحدث ، وبين البينين انقسام جديد قديم لهذا التيار ، فنضرة التعامل المستقبلي مع فبراير تعكس حالة من التباين الواضح منذ سقوط نظام معمر القذفي ، فجزء من تيار سبتمبر يرى ضرورة التعامل مع الواقع الجديد ؛ إما بسبب كونه حالة واقعية فرضت ذاتها أو لاعتبار التعامل مع هذه الحالة فرصة للعودة من جديد وبالقدر الممكن ( قانون القوة بعد التمكين أو قوة القانون بعد قيام الدولة ) ، أو لقناعتهم بان التغيير لابد منه رغم وقوفهم مع معمر القذافي الذي اعتبروه وقوفاً من أجل الوطن ، والجزء الآخر من تيار سبتمبر والذي أعتقد أنه لا يشكل الغالبية فهو رافض وبشكل كامل التعامل مع كل من ساهم مع الأجنبي في تدمير البلد ، أما تيارات فبراير فلم يصدر منه أية ردود حتى الان حول ما طرحه الفريق كنه من لزوم الحوار بين مختلف أبناء الوطن وبالخصوص ضباط الجيش من كل المناطق دون استثناء من أجل الخروج بصيغة توافقية حول المؤسسة العسكرية بالقدر الذي يضمن وحدتها وفعاليتها ، ومن المفترض أن يقوم الفريق كنه بخطوات جديدة في هذا الموضوع ، قد تكون بشكل تواصل مع الأطراف الرئيسية للصراع ، ومحاولة النظر في مدى قبولهم للحوار وأسسه وجوانبه وأطرافه ورؤية كل طرف ، وقد تكون بشكل مبادرة مكتوبة ، تُـعد من مختصين وحكماء لهم القدرة على قرآءة الواقع وافتراض الحلول ، وبهذه الكيفية نضمن ألا تكون هذه المبادرة ضمن سلسلة المبادرات المؤقتة غير المنتجة .
إن وقوف الفريق كنه في مساعيه عند حد الاعلان فقط لا يعطي أي نتائج ايجابية ، وقد عانينا من المبادرات المبتورة ، فالحالة تستدعي انتاج فريق حوار وطني قادر على فهم الواقع وإدراك متطلباته والقدرة على التواصل والحوار ، ولعل الفريق في حد ذاته قادر على ذلك لأنه وعلى الرغم من مركزه في نظام معمر القذافي ومدى انتمائه إليه إلا أنه استطاع الخروج من عقدة الانتماء الأعمى لتياره بحكمته الواسعة وحبه الكبير للوطن ، ومثل هذه العقليات هي من يعول عليها في مثل هكذا برامج هادفة ، وفي المقابل نأمل أن تكون هناك استجابة من الجميع لأي دعوات مصالحة ، فالأطراف الوطنية المستهدفة بهذه الدعوات ليست أقل وطنية وحكمة ، وفي النهاية ان الوطن يحتاج منا الكثير من الصبر ، فدعوات الخير دروبها صعبة ، ولعل اعتراضات تيار مُـطْـلِقِهَا والتي قد تصل لدرجة التخوين أول العراقيل والتحديات ، وكذلك حسابات التيار المقابل تعد اشكالية في حد ذاتها ، فصاحب المبادرة خصم وحكم وفق نظرهم ، لهذا وأمام كل هذا الاشكالات لا بد من توافر قدر كبير من الحكمة السياسية في التعامل مع الأطراف قبل الخلاف ، فالشخصية الليبية تحمل من العقد ما يكفي لإفشال أبسط البرامج ، والله ولي التوفيق .