عرض وتقديم :: أبوبكر مصطفى خليفة
ماهي طبيعة تأثير الواردات السلعية على الاقتصاد الوطني الليبي ؟ و ماذا عن أبرز الدول التي تزود ليبيا باحتياجاتها المختلفة ؟وماهي أهمية بناء اقتصاد محلي قوي يعتمد على الإنتاج بدل الاستيراد الذي يزيد من إرهاق الميزانية العامة ؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تجيبنا عليها الباحثة نجاة الفيتوري عمر في رسالتها العلمية والتي نوقشت موخرا لنيل درجة الماجستير في التخطيط المالي من معهد التخطيط بطرابلس
والتي حملت عنوان : تقدير دالة الطلب على الواردات السلعية “دراسة تطبيقية على الاقتصاد الوطني”
حيث تناولت الدراسة بالبحث والتحليل سلوك دالة الطلب على الواردات السلعية في الاقتصاد الوطني
ودراسة العوامل المؤثرة فيها بغية تحديد الأهمية الاقتصادية لها.
وبناء على دراسة مؤشرات التجارة الخارجية خلال الفترة 1971-2000م ودارسة النموذج القياسى المقدرة لدالة الطلب للوارادات السلعية،
فقد توصلت الباحثة إلى النتائج التالية:التركيب السلعي للصادرات معتمد على سلعة وحيدة(النفط) حيث تمثل في المتوسط80% من إجمالي الصادرات خلال الفترة، ودرجة التركيز السلعي للصادرات مرتفعة تتراوح (73%،9. 99 % ) خلال الفترة.
أما بخصوص التركيب السلعي للواردات فيلاحظ تباين شديد بين طبيعة التركيب السلعى للصادرات والواردات في الوقت الذي يتسم به هيكل الصادرات بأحادية الجانب، نظراً لسيطرة النفط على هذا الهيكل،و يلاحظ العكس تماماً عند تحليل التركيب السلعي للواردات للاقتصاد الوطنى الذي يستورد كل أنواع السلع تقريباً من العالم الخارجي. فهو يستورد السلع الغذائية والاستهلاكية التى تلزم لمواجهة احتياجات الاستهلاك المحلى، كما يستورد السلع الوسيطة اللازمة لتشغيل عجلات الإنتاج في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطنى، كما يستورد السلع والتجهيزات والآلات والمعدات اللازمة لتنفيذ برامج الاستثمار، وفيما يتعلق بالتركيز السلعي للواردات تشكل الواردات من السلع الرأسمالية أهم نسبة في إجمال الواردات، حيث تتراوح(2. 29% -0. 41%) وتأتي الواردات من السلع الوسطية في الترتيب الثاني من حيث الأهمية في إجمالي الواردات وتتراوح النسبة (3. 26%- 5. 37%) ثم تأتى السلع الاستهلاكية من حيث الترتيب.
مما سبق يتضح الثبات النسبي لنمط توزيع الصادرات بالإضافة إلى سيطرة الواردات من السلع الصناعية على هيكل الواردات مما يشير إلى الاعتماد بشكل كبير، في تحقيق التنمية على المقدرة على تصدير النفط والإيرادات المترتبة عليه من جهة والمقدرة على الحصول على المستوردات من السلع الرأسمالية التي تأتي في معظمها من الدول المستوردة للنفط من جهة أخرى مما يفرض نمطاً متميزاً في التعامل التجارى والمالى يفضي إلى ضرورة إعادة تدوير فوائض النفط إلى مصادر الحصول على المستوردات الأمر الذي يعرض برامج التنمية الاقتصادية لمخاطر الأزمات الاقتصادية والهزات المالية التي تجتاح الدول الصناعية الرأسمالية من وقت إلى آخر.
درجة انكشاف الاقتصاد الليبي، نجد أنه لم تنخفض درجة الانكشاف عن 37% خلال الفترة وفي المتوسط خلال الفترة كانت 57% كل ذلك يؤكد أهمية التجارة الخارجية للاقتصاد الوطنى، وبما أن التجارة الخارجية للاقتصاد الوطنى مساوية لنصف الناتج المحلي الإجمالي(فالاقتصاد الليبي يعتبر اقتصادياً منكشفاً)
من تحليل التوزيع الجغرافي للصادرات والواردات نستنتج أنه يتركز معظم التعامل التجارى لصادرات ليبيا مع البلدان الأوروبية وتأتي في المرتبة الأولى حيث إن حصة هذه البلدان من إجمالى قيمة الصادرات تتراوح(0. 52%- 0. 95%) وفيما يتعلق بصادرات إلى الدول العربية والبلدان الإفريقية لم تتجاوز نسبتها على التوالي 11%، 3%.)
أما بخصوص التوزيع الجغرافي للواردات فبقيت البلدان الأوروبية كمصدر رئيسي لواردات ليبيا أما نصيب الدول العربية والبلدان الإفريقية فقد كانت نسبة ما استورد من هذه الدول ضئيلة.
تأسيساً على ما سبق، فإن البلدان الأوروبية تمثل المصدر الرئيسي لواردات ليبيا والسوق الرئيسية لتصريف النفط بينما نصيب الدول العربية والإفريقية محدود في التجارة الخارجية مما يجعل من التجارة الخارجية، بالهيكلية القائمة عاملاً من عوامل زيادة درجة الارتباط والاندماج بأسواق غير تلك التى استهدفتها استراتيجيات التجارة الخارجية(أسواق الدول الصديقة).
وقد يرجع ذلك في الواقع، لطبيعة الواردات الليبية المتمثلة أساساً في السلع الرأسمالية أثر في أن تكون الدول الأوروبية الشريك الرئيسي في التجارة مع ليبيا من جهة، وإلى هياكل وبنية اقتصاديات الدول العربية والإفريقية التى لا تشجع على زيادة درجة التبادل معها لتقارب أنماط الإنتاج وهياكله فيما بينها، وأنماط الاستهلاك السائد بها من جهة أخرى
من تحليل نتائج للنموذج المقدر لدالة الطلب للواردات السلعية.
. من R2 نستنتج أن العوامل المؤثرة في الواردات السلعية وهى(سعر الصرف، الناتج المحلي الإجمالى) تفسر 57% من التغير الحاصل في الواردات السلعية، أما الباقي وقدره 43% يرجع إلى متغيرات أخرى لم يتضمنها النموذج.
. ومن اختبار F،أن نموذج دالة الطلب للواردات السلعية المقدرة معنوية إحصائياً في شرح وتفسير سلوك الواردات السلعية.
. ومن اختبار Tأن الناتج المحلي الإجمالي وسعر الصرف يسهمان معنوياً من الناحية الإحصائية في التغيرات التى تحدث في الواردات السلعية.
. تطابق النص النظرى للنظرية الاقتصادية للناتج المحلي الإجمالى والسكان وسعر الصرف مما يعكس ضعف أدوات السياسة النقدية.
تأسيسا على ما أعلاه أن النموذج مقبول اقتصادياً وإحصائياً(( وأهمية العوامل المؤثرة في الواردات السلعية مع بعضها مجتمعة له تأثير معنوي إحصائيا على الواردات السلعية))
ومن خلال دراستها أوصت الباحثة بالتوصيات الآتية:
تنويع هيكل الصادرات، حيث تعاني الصادرات الليبية من مشكلة عدم التنويع إذ أن هيمنة النفط طيلة السنوات الماضية لم تتغير ويعد النمو في القطاع النفطى المصدر الأساسى للنمو في الإنتاج القومى، حيث إن النفط من الموارد الاقتصادية القابلة للنضوب، فإن الحاجة لتنويع مصادر الدخل القومى الليبي تصبح أكثر إلحاحا.
تنويع أسواق الصادرات والواردات، والتوجه في التبادل التجارى نحو الأقطار العربية،والأفريقية والعمل على تقليل درجة الاعتماد على أسواق الدول الصناعية وهي دول بسبب طبيعة عمل مؤسساتها الاقتصادية تتجه لتحقيق أقصى ربح ممكن من خلال ممارسة نشاطها في المجالات المختلفة بما فيها نشاطات الاستيراد والتصدير هذه ما يلحق ضرراً بالاقتصاد الوطنى من جراء ذلك.
السعى نحو الاستغناء عن العالم الخارجي في توفير الاحتياجات المحلية من السلع والمواد الضرورية وعلى الأخص السلع الغذائية.
التقليل من درجة الانكشاف الاقتصادى، وذلك بإعادة النظر في استراتيجيات التصنيع بما يكفل إيجاد صناعات تنتج قابلة للتصدير، ويأتى ذلك بالتركيز على إيجاد صناعات تعتمد على الخدمات المحلية والتقليل من التوسع في إقامة الصناعات غير المهيأة، أى تلك التى تعتمد على خامات وسلع وسيطة مستوردة باعتبار أن التجربة أثبتت أن مثل تلك الصناعات زادت من درجة تبعية اعتماد الاقتصاد على العالم الخارجى وإنها ترهق القدرة التمويلية المحدودة للاقتصاد وما تتطلبه تلك الصناعات من حماية وربما تجاوزت تكلفتها المنافع التى تعود على الاقتصاد من ورائها.
تعديل سعر صرف الدينار الليبي وفقا لبرنامج اقتصادى متكامل يهدف إلى تصحيح المسار الاقتصادى بشكل عام بواسطة سياسات اقتصادية نقدية ومالية وتجارية ناجعة لها من الصلاحيات ما يوفر لها المرونة الكافية للتعامل مع تطورات الوضع الاقتصادى الوطني.
معالجة التدهور في ميزان المدفوعات، يجب أن تتم وفقاً لمرحلة التنمية التى يمر بها الاقتصاد، وهذا يرتب ضرورة التريث بطريقة شمولية قبل اتخاذ أية سياسات تجاه تصحيح وضع ميزان المدفوعات وذلك ضمانات لعدم الوقوع في المحظور وترتيب آثار سلبية على الاقتصاد الوطنى.
العمل على زيادة حجم الاحتياطات من النقد الأجنبي وزيادة برامج الاستثمار ذات المردود الاقتصادي والتي تسهم في تنمية الصادرات غير النفطية.
ضرورة فتح المجال أمام القطاع الخاص للمساهمة في تمويل الأنشطة الاقتصادية وذلك لتحقيق أمرين، زيادة إيرادات الخزانة العامة وكذلك تقليل العبء على الميزانية العامة فيما يتعلق بميزانية التمويل والتنمية