عندما كنا نذهب بالأتوبيس الى طرابلس من غريان وبربع دينار وكنا ننتظر دخول ميدان السويحلي بفارغ الصبر والذهاب الى أحد المقاهي لتناول سندوتش تن او بيض بقرشين. كانت لهفتنا كبيرة للتجول في الشوارع والذهاب بعدها لليدو إذا بالصيف أو للمعرض بالربيع وهذا هو حجم الرحلات والتي نقوم بها عندما كنا في النصف الأول من بعد العشر سنوات من العمر. تذكرت تلك الأيام وأتذكر دخولنا الى طرابلس يوم 23 أغسطس 2011م وكيف كان الشعور عند الذهاب الى ميدان الشهداء وكيف بقيت أنا وزميلي على الترهوني قرابة ساعتان مع الثوار ونحن نستمع الى الاهازيج وصوت الرصاص ابتهاج بالقضاء على نظام القذافي السيء.
اليوم العاصمة على وشك الانهيار وعلى وشك الانفجار حيث أن من يسكنوها لم يعد أن يتحملوا ما يجري من قتل وخطف وغلاء ونقص السيولة وانقطاع الكهرباء والهواتف.كثر اللاعبين الجدد من لوردات الحروب وهم ينعمون بالعيش في تركيا والطرابلسية يتظاهرون أمام القسم الداخلي للسراج. هذا لم يحدث في أيام دخولنا لها حيث المياه والكهرباء لم تنقطع ولم تنقطع السيولة حيث الناس جميعهم استلم واراتبهم قبل العيد في ذلك الوقت ولم ترتفع الأسعار ولم تزهق أرواح اوخطف.
ماذا حصل بعد هذه كله. لقد تم اختطاف الثورة من قبل لوردات الحرب والسلاح ومن يساندهم من الليبيين ومن المجتمع الدولي ومن دول عربية قزمية منبوذين بالعالم. صار الاختطاف ممنهج وتوجهات الأيديولوجيين صارت تسير في هذه الثورة المخطوفة الى أن وصلت العاصمة والتي بها ثلث سكان ليبيا الى ما وصلت له اليوم.
طرابلس الاسيرة مند سنتان وهناك من يتبجح ويقول فيها كل شيء وهناك من يصيح ويزعل بأن الامن ضاع وأن الحياة أصبحت صعبة والخوف في قلوب الجميع. اختطفت وأهلها أسرى في داخلها واليوم يتظاهرون ويريدون المال والعيش بكرامة. الطرابلسية معروفين بالصبر ولكن للصبر حدود والسراج يعرف هذا جيداً ولكن ما باليد حيلة مسيو سراج.
الطرابلسية كانوا مثلي ومثل كل واحد يتشوقون لميدان السويحلي والى جولة بالمعرض وعلى الكورنيش ويخرجون للشواطئ. اليوم لا يستطيعون ترك أطفالهم بالشوارع وأصبح الجميع يراقب في كل شيء وفي هذا الشهر المبارك تنقطع الكهرباء لساعات والهواتف لأيام والغلاء ونقص السيولة والخطف والقتل والمليشيات والبوابات ورداءة في كل الخدمات. لهذا خرجوا الي بوابة بوسته ومنعوا السراج من الخروج لأحد المساجد وصلي هو ومجموعته داخل القاعدة البحرية خوفاً من الجمهور رغم أنها قيلولة ولا أحد في الشوارع ولكنه فضل البقاء في القسم الداخلي الى حين اشعار اخر
والسلام عليكم
د ناجي جمعه بركات