- ميمون يوسف الشيخ
يقول الروائي السعودي عزيز محمد في رواية《الحالة الحرجة 》ولعل المرء لا يتحرر أينما ذهب، فحتى موتك لا يتم إلا بأوراق مُوقع عليها تثبت وفاتك».
في الدول الحديثة من لا يملك أوراقًا قانونية تثبت هويته، هو ببساطة غير موجود، وغير معترف له بالشخصية القانونية التي من شأنها أن تضمن له حقوقه في المكان أو الدولة التي يعيش فيها، ليس هذا فحسب، فقد يلاحق هذا الشخص أمنيًّا بوصفه موجود في الدولة وجودًا غير شرعي، إنه عديم الجنسية وهو أي شخص لا تعده أي دولة مواطنًا بمقتضى تشريعاتها، ووضَعت هذا التعريف اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية عام 1954.
وتعد ليبيا ضمن سلسلة من الدول التي تتواجد فيها هذه الفئة بأعداد كبيرة جدا وللأسف لا يوجد إحصاء صحيح لهذه الفئة من قبل السلطات في ليبيا لأسباب لا نعلمها.
في 21 مارس 2020 أطلقت مجموعة من النشطاء في مختلف المدن الليبية وعلى رأسها أوباري، وغات، وسبها، وطرابلس، وبنغازي، ومصراتة، وبعض العواصم العالمية مثل تونس، وباريس حراكا مدنيا يطالب بعدم التمييز وتحقيق مستوى عالٍ من الوعي بالحقوق المدنية في ظل مجتمع تحترم فيه حقوق الإنسان وتسوده الطمأنينة الاجتماعية والعدالة والرفاهية والسلام. من أبرز القضايا التي طالب الحراك الدولة الليبية والمجتمع الدولي بحلها والبث فيها قضية 《 أصحاب السجل المؤقت》 التي أصبحت في طي النسيان والمهاترات السياسية ولقد كتب فيها بشيء من التفصيل مقال مطول في هذه الصحيفة ” فسانيا ” في عددها 349 تحت عنوان 《 تضارب وتناقد القوانين والتشريعات الليبية في حل أزمة أصحاب السجل المؤقت من 《 الطوارق 》 إن الأبعاد السياسية لهذه القضية كثيرة جدا وذلك واضح وجلي في التجاهل التام لها لعقود مضت، في دراسة أشرفت عليها مؤسسة فريدريش إيبرت FRIEDRICH EBERT تحت عنوان 《تطوير الأوضاع والسياسات الاقتصادية في ليبيا خلال الفترة 2012 – يونيو 2017 من إعداد: د. علي رمضان شنيبيش، طالب الدكتور في التوصيات في مجال معالجة مشكلة ارتفاع معدلات الإنفاق العام
1- بإعادة النظر في القوانين المنظمة للأجور والمرتبات في القطاع العام وعدم زيادة في المرتبات وإيقاف الانتدابات والتقيد باستخدام الرقم الوطني في صرف المرتبات. المشكلة هنا قد لا تكون في عدم الزيادة في المرتبات وإيقاف الانتدابات، ولكن المشكلة هنا في طلب التقيد باستخدام الرقم الوطني في صرف المرتبات، لأن هذا يشكل خطرا كبيرا على شريحة لابأس بها من المجتمع الليبي غير الحاملين للأرقام الوطنية. وطالب الدكتور أيضا في النقطة السادسة في التوصيات بتحويل الدعم الحكومي لبعض السلع والخدمات لدعم نقدي بشكل تدريجي وذلك باستخدام الرقم الوطني مع الاستفادة من الدراسات السابقة بشأن تقدير قيمة الدعم للمواد الاستهلاكية والمحروقات وغيرها.
هنا أيضا نقطة تسأل كيف سيستفيد أصحاب السجل المؤقت من الليبيين في حال تم تحويل هذا الدعم لدعم نقدي وباستخدام الرقم الوطني الذي لا يمتلكونه !! إن حصل ذلك فسيكون تعديا على الحقوق الاقتصادية التي نصت العديد من الاتفاقيات الدولية بأهميتها. قد يقول قائل بأن هذه مجرد دراسات وتوصيات عادية قد لا تؤثر في شيء، ولكن التطبيع مع مثل هذه التوصيات وعدم الرد عليها يشكل خطرا كبيرا على مستقبل كثير من أبناء الليبيين الذين لا تتوفر فيهم شروط ما تم تناوله في هذه التوصيات عجزت كل الحكومات المتتالية من المجلس الانتقالي أول حكومة رسمية بعد الثورة إلى الآن عن حل هذا الإشكال القائم بالطريقة التي يمكن لأصحاب السجلات المؤقتة أن ينالوا بها رواتبهم. جاءت حكومة علي زيدان بقرار (781) لسنة 2013 نتيجة الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عن مرتبات هذه الأسر المتوقفة لوضع آلية لحل بعض معوقات الرقم الوطني وبموجبه منحت أرقام قيد مؤقتة للعائلات المقيدة بالسجلات المدنية المؤقتة إلا أن تلك المعوقات لم تحل وبقيت مستمرة. وجاءت حكومة الإنقاذ الوطني ولذات الأسباب المتعلقة بتوقف مرتبات عدد كبير من موظفي الدولة الليبية من أبناء هذه الأسر بقرار (102) لسنة 2015م بشأن منح الإذن لمشروع الرقم الوطني و المشاريع المكملة له باتخاذ الإجراءات لذوي السجلات المؤقتة والذي جاء في الفقرة رقم (3) من المادة رقم (1) منه مانصه : صرف أرقام إدارية لأصحاب السجلات المؤقتة ، كبديل مؤقت للأرقام الوطنية ، لاستخدامها في استكمال إجراءاتهم المالية هو أيضا إجراء لم يحل المشكلة بالطريقة المطلوبة، ولا زالت الحكومات تتوالى وتصدر القرارات بدون أي حلول جوهرية أو عملية ومن هنا جاءت الفكرة من حراك لا للتمييز للوقوف ضد جميع المماطلات والانتهاكات ولتمحيص الغث من السمين وتحقيق المطالب .