- د. حسين النافذ
تجربة الغربة رصيد معرفي مليء باالثقاقات، ستتعرف على وجه الحياة الحقيقي . ستراجع كل حساباتك الخاطئة عندما كنا نعتقد أننا نحن أستثناء ، وحينها فقط ستعرف أننا لسنا صفوة الشعوب وأفضلها كما ندعي ، وستكتشف أيضاً أن بلادنا ليست الجنة الخضراء المزهرة، بل هي عبث سفك الدماء وتعطيل الفكر والمسير . وسيأتي لك رجل من بني وطنك، ولربما صديق ألتزم مؤخراً ولم يجلس في منابر العلم الشرعية ليقدم لك النصيحة وهو مفعم بداء الإنغلاق والحفظ والترديد ” لا تغرك بلاد الإزدهار والكفار لا يجوز يا أخي ” يعرض نصائحه كأن الله لم يهدي سواه بمنغزات الحياة النمطية ولم يعلم أن في بلاد الكفار مسلمين عرفوا الدين الإسلامي حق المعرفة وأسلم على يدهم الكثير، وربما يستبدلك الله بهم لأنهم نصروا الدين وعرفوه حق المعرفة . الغربة تعلمك الكثير، الشعوب لا تعني سياسة الحكومات وحينها تقتنع أننا لا نحارب إلا أنفسنا وأسأنا لديننا كثيراً بدل من أن نتعرف على أعدائنا الإفتراضيين. ستتعلم في الغربة من المسلمين في بلاد الكفار ليسوا أوصياء على الدين الإسلامي ورجال الدين عامة ليس لديهم تفويض خاص ووكالة عامة من الله . الغربة تعلمك إحترام الآخر، وتبادل الأفكار مع رجل ربما لا تعرفة في مكان عام أو في مقهى، وتوزيع الإبتسامات المجانية من الرجال والنساء ، عندها ينتابني شعور باالبكاء حسرات على مفقود في نفسي . من ينظر إليك يحترمك ويقدرك سوى باالقانون أوبلغة الإنسان أو بأخلاق المهنة . ستعلمك الغربة أننا حقاً نحتاج إلى دروس توعوية نتعلم فيها كيف نحيا مع بعضنا البعض كبشر، لا أن نصبح عالة وعبئاً ثقيلاً على أنفسنا والإنسانية ، ستتعلم كيف تتحرر من النفاق الإجتماعي والإستعراض المادي ، الكل يعمل ويتعلم ولكل مجتهد نصيب والكل عبارة عن رقم اقتصادي مبرمج والبقاء للأصلح . ستكتشف في الغربة أن تقييم الأمم بأخلاقها، وحينها تعلم أننا كنا في مجتمع غارق في الرياء والكذب والنفاق ومليء باالأساطير الخيالية والخرافات والتناقضات . وكنا نضحك على أنفسنا عندما ندعي امتلاك الحقيقة المطلقة ، ستتعلم الكثير والكثير في السلوك الإنساني وإحترام الأخرين ، ويبقى هذا الرصيد المعرفي مدرسة حياة يمكن إحياءه من جديد باالقيم الإسلامية . هناك شوق للوطن بلا أدنى شك ومن لديه أبناء أو أعزب غير محافظ عليه الهروب بدينه، لكنك تخاف أن تعود يوماً كزائر عابر ويصبح أقصى تحقيق أحلامك أن تُدفن في وطنك سواء كنت حياً أوميتاً.