- المستشارة القانونية : فاطمة مفتاح درباش
العدالة هي مفهوم تعني عدم الانحياز في محاكمة أي إنسان لأي أمر، وهي رؤية إنسانیة للمحيط الذي يعيش فیه کل فرد شرط أن ینظم هذه الرؤیة قانون وضعي یشارك فی صياغتها الکل بعيدا عن التحکم.
وأشكال العدالة عديدة فإذا كانت العدالة هي الحكم بالحق فهي ثابتة في حال القياس على الحقوق الطبيعية ومتحولة في حال القياس على الحقوق المكتسبة أو الموضوعة من الإنسان وتأتي في شكل العدالة المساواتية وتقوم على تساوي البشر. فكل البشر يولدون أحرارا ومتساوين في حقوقهم الطبيعية.وهناك العدالة السياسية وتقوم على حق العمل السياسي الوطني والعالمي، والشكل الآخر من العدالة وهي العدالة القضائية وتقوم بوضع القوانين المتوازنة، وتناسب العقوبة مع الجريمة، والحق في المحاكمة العادلة والعلنية.
وأيضاً تنظم العدالة الاجتماعية التي تعنى بالتوزيع العادل للثروات وأماكن العمل وفرصه، وفرص سد الحاجات المعيشية والطبية والغذائية وغيرها،كذلك عدالة الحماية الاجتماعية كحماية المعاقين والأقليات وتحقيق القدرة على العيش والتعايش وتنظم عديد الأشكال طبقاً للمطالبة بها والحاجة لها وفقاً لمستجدات الحياة . وأهداف العدالة الإنصاف والمساواة والتوازن وعدم التعدي وحماية المصالح الفردية والعامة.
ويمكن تعريف مبادئ العدالة بأنها تلك القواعد القائمة إلى جانب قواعد القانون الوضعي مؤسسة على وحي العقل والنظر السليم وروح العدل الطبيعي بين الناس، والتي ترمي إلى تعديل قواعد القانون أو الحلول في مكانها، بفضل ما فيها من القوة المعنوية المستمدة من سمو مبادئها.
ويقتصر هدف القانون على تحقيق العدل وليس تحقيق العدالة ، فالعدل والعدالة كلاهما يقوم على المساواة بين الناس، إلا أن المساواة التي تقوم عليها فكرة العدل هي مساواة مجردة تعتد بالوضع الغالب دون اكتراث بتفاوت الظروف الخاصة بالناس ، أما العدالة (الإنصاف) فتقوم على مساواة واقعية على أساس التماثل في الأحكام المنصرفة للحالات المتماثلة شروطها أو الأشخاص المتشابهة ظروفهم مع مراعاة البواعث الخاصة وتفاصيل الظروف، وعلاقة العدالة بالقانون تتجلى في أن العدل كلمة تفيد معنى المساواة، وهي مساواة مرتبطة بالدور الاجتماعي للقانون، فالمفروض أن يطبق القانون بمساواة بين جميع الأشخاص والحالات التي يتناولها في مركز قانوني معين ولغرض معين بالذات وللهدف الذي يرمي إليه، فالمثل يعامل كمثله، وغير المتساوين لا يلقون معاملة متساوية، ويتحقق ذلك من خلال قواعد قانونية عامة مجردة.
أما الفرق بين العدالة والقانون فالقانون يختلف عن العدالة بأن العدالة هي القانون الإلهي أما القانون فهو من صنع البشر وقد ينسجم مع العدالة وقد لاينسجم معها.
أما عن كون القانون ضامن للعدالة فتعتبر الدولة هي الضامن للعدالة لأنها هي التي تمثل القانون كقوة وسلطة إلزام، يخضع لها الجميع على أساس مبدأ المساواة، المساواة بين جميع الأفراد: بين الراشد والطفل، بين الرجل والمرأة…إلخ
وكون إمكانية تحقيق العدالة بدون إنصاف فمع أن العدالة تتطابق مع الإنصاف إلا أن هناك تمييزا دقيقا بينهما يعطي الأفضلية الثاني على الأولى. لأن الإنصاف خير من العدل أحيانا إذ فيه تقويم للقانون وتصحيح لصيغته العامة التي قد تسبب الظلم إذا ما أخذنا بها حرفياً.
وتكون العدالة في خطر أحيانًا في حالات عندما قد يستعصي الوصول إلى العدالة في حال عدم توافر أجهزة إنفاذ القانون أو عدم استعداد موظفي إنفاذ القانون للتصرف على النحو السليم، بما في ذلك عدم تسجيل الشكاوى أو عدم إجراء تحقيقات نزيهة. وأحياناً ما تعزف السلطات الحكومية عن اتخاذ إجراءات قضائية في الحالات التي يكون فيها الضحايا من الشعوب الأصلية.
إن الله لم يعدل بين البشر وذلك لحكمة بالغة في التفاوت بين الناس في الحظوظ، بل يعتبر هذا التفاوت نعمة، فقد اقتضت حكمة المولى عز وجل أن يتفاوت الناس وأن تكون بينهم فروق في قدراتهم وطريقة تفكيرهم وفي بسطة العيش وضيقه وفي القوة والضعف والصحة والمرض. يقول الحق سبحانه وتعالى: «أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر».«الزمر 52».