المستشارة القانونية : فاطمة درباش
إنَّ واحدة من أهم الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان وسيادة القانون تتمثّل في الحق في محاكمة عادلة، مهما اشتدت المزاعم المُقدَّمة ضد الأفراد المتّهمين بارتكاب جرائم إرهابية أو جرائم جنائية أو أياً كان وصفها، ينبغي أن تُتاح لهم محاكمة عادلة ، ووفقا لقواعد إجرائية ، والالتزام بالمعايير المتَّفق عليها دولياً. فالحق في محاكمة عادلة هو أحد أبسط الحقوق في الدول التي تحترم سيادة القانون. إن المحاكمة التي يتبين أنها غير عادلة في تلك الدول سيكون مصيرها إعادة المحاكمة أو إلغاء الحكم الصادر.
فوفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان مادته العاشرة أشارت لجزئية المحاكمة العادلة بأنه”لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا. لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه”.
كما نصت المادة 14/ 1من العهد الدولي لحقوق الإنسان على ما يلي : ” من حق كل فرد أن تكون قضتيه محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة وحيادية منشأة بحكم القانون”.
وهناك جملة من النصوص الدولية الإلزامية سواء كانت اتفاقية أم عرفية أم مبادئ عامة للقانون ترسخت في الضمير الإنساني تتضمن مقاييسا ومعاييراً وعناصر لضمان المحاكمة العادلة،تهدف هذه المعايير إلى حماية الإنسان المتهم من تاريخ إيقافه ومرورا بمرحلة احتجازه قبل المحاكمة والاحتفاظ به ،وأثناء محكامته إلى نهاية استنفاذ أو استيفاء وسائل الطعن الممكنة قانونا في الحكم الصادر ضده.
ولتكون المحاكمة عادلة وفقاً لمنظور اتفاقيات حقوق الإنسان ،وارتباطها بالعدالة الجنائية، لابد من توافر شرطين أساسيين في المحاكمة لتنطبق عليها معايير العدالة وهي : يشترط أولاً أن تخضع إجراءات المحاكمة للمعايير الدولية سواء كانت اتفاقية أم عرفية أم مبادئ عامة للقانون فيما يتعلق بالقانون الدولي لحقوق الإنسان،أما الشرط الثاني فيتطلب أن تقوم بالمحاكمة الجنائية وتنفيذ المواثيق الدولية جهة قضائية تتصف بالاستقلالية والحيادية ومخولة بموجب القانون بإجراء المحاكمة. وللمتهم الحق في التشاور مع محاميه قبل استجواب الشرطة له ، وأثناء سير المحاكمة وفي أية مرحلة حرجة في الإجراءات ، مثل جلسة السماع الأولية ، أو عند الاصطفاف مع آخرين في طابور تشخيص أمام شاهد للتعرف عليه، أو في الاستئناف.
كما يجوز للمتهم التنازل عن حقه في الاستعانة بمحام شريطة تعريفه بالنتائج المترتبة على ذلك الإجراء، كذلك ينبغي أن يكون سير الجلسة للمحاكمة وفقاً لضوابط ضرورية حتى تتجلى عدالة المحاكمة بأن تتسم بعلانیة الجلسات فهذا يعكس نوعا من الشفافية والرقابة الشعبية، كذلك حق الطعن في الحكم فیمكن للمتقاضي استئناف الحكم أمام المجالس القضائية والمحكمة العليا، ولابد من تعليل الأحكام بتبریر ،أي عرض الأسباب التي أسند عليها الحكم ،و إصدار الأحكام باسم أي أحكام تنفيذية يجب الانصياع لها.
بالتالي فإن للإنسان وفقا للاتفاقيات الدولية والمعاهدات والقوانين الداخلية حقاً أصيلا في أن يحظى بمحاكمة عادلة تتوافر فيها معايير تم تحديدها وعلى الدول عدم مخالفتها وفي حال تم إثبات تجاوز هذه المعايير فإن ذلك يعد انتهاكاً صارحاً لحقوق الإنسان ،والأمر المفزع هو غياب الرقابة أحيانا في عديد الأنظمة التي تُحْكَم بها الدول عن تطبيق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.