الشيخ عيسي المنوني
في رأي الشخصي تعتبر الزوجة هي المسئولة الأولى عن انحراف زوجها، واتجاهه إلى غيرها من النساء
ويعود إلى جهل الزوجة بالأسلوب الذي يجب أن تتعامل به مع زوجها لتحصينه أمام رقة ونعومة أية امرأةٍ أخرى، وكذلك انشغال الزوجة بتربية الأبناء وامتناعها عن تلبية احتياجات زوجها العاطفية يدفع الزوج لمحاولة الحصول على تلك الاحتياجات بوسائلٍ أخرى بعيداً عن الزوجة المشغولة دائماً
وإدمان الإنترنت أحد أهم الأسباب وراء انحراف الأزواج وانقطاع العلاقات الأسرية وذلك بالبحث عن المواقع الاباحية لرؤية المناظر الي يشتهيها في زوجته الممتنعة وهذا ليس تحاملا علي المرأة وحدها فالزوج أيضا سلبياته الا انها تأتي علي الزوجة في عدم ملأ الفراغ العاطفي الخاص بالعين والمثمتل في ” قول الرسول صلي الله عليه وسلم .. اذا نظر اليها سرته “…
فتعتبر زميلات العمل المثيرات أحد الأسباب القوية أيضاً لانحراف الأزواج، خصوصاً إذا كان الزوج يقضي معظم وقته في العمل كما هو الحال في أغلب الأحيان، مما قد يجعله ((ضعيفاً )) أمام إغراءات النساء الأخريات، وهن اللاتي قد يلجأن لجذب انتباه الرجل بحثاً عن فرصةٍ للزواج.. حتى وإن ذلك كان على حساب امرأةٍ وزوجةٍ أخرى وهذا هو الواقع الان المعاش نسبيا
وفي نهاية المطاف تقع مسؤولية انحراف الزوج وانبهاره بأية امرأة أخرى.. على زوجته التي لم تعرف كيف تحتفظ به مع ضعف الزوج نفسه و من الأمور الهامة التي يجب أن تفطن إليها كل زوجة، أنه قد لا تؤدي أحياناً سوء معاملة الزوج إلى انحراف الزوجة لكن معظم حالات انحراف الأزواج تأتي نتيجة لجفاف معاملة زوجاتهم لهم. فبعد عدة سنوات من الزواج تقل أهمية الجانب الجنسي في حياة الطرفين.. ويتطلع الزوج في زوجته إلى المشاعر الدافئة والاهتمام المركز والعلاقات الوثيقة، الأمر الذي عادة ما تعجز معظم الزوجات عن تقديمه لأزواجهن نظراً لكثرة أعبائهن. وانني أري الحل في هذا الشأن بسيط جدا ويكمن في جلوسك مع زوجك لمدة ساعة على الأقل يومياً تكونين خلالها متفرغة له تماماً، تتجاذبين معه أطراف الحديث في الشؤون التي تهمه فهذا أنفع وأجدى من قيامك بأي عمل آخر مهما كلفك ذلك من تضحيات.
وأنصح كل زوجة بعدم الانهماك في خدمة الأطفال بشكل جائر على حق الزوج, فإن من الأفضل إشراك الزوج في بعض الشؤون الأسرية مثل بعض الرعاية بالأطفال، وعدم الاعتقاد بأن إبعاده تماماً عن هذا المجال يعد تفانياً من جانبها لخدمة أسرتها, لأن ذلك من شأنه أن يبعد الزوج عن جو الأسرة ويفقده الشعور بالانتماء بما قد يساعد على انجذابه في أي تيار آخر….
” نبئني عمن تصاحب.. أنبئك من أنت” …!!
من هم الخمسة الذين حذرنا منهم حبيب الرحمن المصطفى ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ الذين قال عنهم إنهم في النار، لقوله صلى الله عليه سلم إن أهل النار خمسة:- “الضعيف الذي لا يملك عقله أمام الشهوات والمحرمات، والخائن، والمخادع، والكذاب، والشنظير”، وذلك لسُنة الله في خلقه التي لا يستوي فيها الخبيث والطيب، لقوله سبحانه :”لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ” [المائدة : 100]،
والسؤال هنا من هو الشنظير الذي حذرنا منه نبينا الكريم؟، ولماذا أمرنا ديننا الحنيف بعدم مصاحبته ومجالسته؟.
الشنظير هو الإنسان الفحاش سيئ الخلق الذي لا يقول خيرًا أبدًا، بل كل ما هو باطل وفاحش وبذيء، السباب اللعان، والقاذف للمحصن والبريء، المنساق وراء الشيطان ولا يخشى الرحمن، والبعيد كل البعد عن طريق الهداية الذي هو سهل واضح للغاية ولا يحتاج بياناً أو توجيهاً لمعرفتنا بالحلال والحرام، لقوله صلى الله عليه وسلم :”الحلال بين والحرام بين”، ولقوله أيضًا صلى الله عليه وسلم :”دع ما يريبك إلى ما يريبك ـ أي اترك ما تشك فيه أنه حرام، واذهب إلى الحلال”، والذي يعد أساس السير فيه هو الاستقامة، لقوله تعالى : “إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ”
[ فصلت : 30 ـ 32]، والتي تعني هذه الآيات البينات إن المؤمن إذا استقام وأخلص العمل لله تعالى وأدى ما عليه من فرائض وعبادات فإن الملائكة تبشره وقت موته واحتضاره بمنزلته في الجنة، حيث تكون هي المؤنسة له في تلك اللحظة القاسية، وتقول له : نحن أولياؤك وقرناؤك في الحياة الدنيا نحفظك بإذن الله تعالى، والآن نحن معك في الآخرة نؤنس وحشتك في قبرك وعند الفزع الأكبر، ونؤمنك يوم البعث والنشور، حتى تدخل جنة الخلد التي وعدك بها ربنا الغفور الرحيم لتنعم فيها بما تشتهي نفسك وتلذ عينك جزاء تقواك وسيرك في الحياة الدنيا بطريق الطاعة والهداية وليس في الشر والغواية.
ولهذا يجب على شبابنا أن يحرصوا على السير في طريق الاستقامة حتى لا يقعوا في بئر الخيبة والندامة، وألا يصاحبوا إلا الأصدقاء الأخيار الدالين على الخيرات والطاعات وليس على الرذائل والمحرمات للفوز في الدنيا والآخرة، ومن كان فيه خصلة من أهل النار الخمسة الذين حذرنا منهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن أمامه فرصة للتوبة والندم والاستغفار والاعتذار لله الواحد الغفار، الذي إذا علم صدقنا وعزمنا على التوبة تاب علينا، لرغبتنا في الاستقامة، فعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال :”قلت : يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا، لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال صلى الله عليه وسلم : “قل: آمنتُ بالله، فاستقم”. رواه مسلم.
وكذلك المرء يعرف بأقرانه، فإذا كان أقرانه وأصحابه أناسًا صالحين فلا شك أنه مثلهم في الصلاح أو على الأقل يناله قدرًا من هذا الصلاح، وإذا كان أقرانه وأصحابه من الفاسقين فلا شك أنه سيصيبه أذى منهم، ولهذا نصحنا نبينا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ باختيار الأصدقاء الصالحين، فقال صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”، وذلك لأن الإنسان مولع بالتقليد، فالشاب إذا أحب صديقه فإنه يقلده ويحاكيه، ولذلك قيل قديمًا: “نبئني عمن تصاحب.. أنبئك من أنت”؛ فمصاحبة الأخيار تغرس في النفوس الأخلاق الكريمة، وتدفعها إلى الصفات الطيبة الحميدة.
أما مجالسة الأشرار أمثال الشنظير ومصاحبتهم تدفعنا إلى الاستهانة بتلك الأخلاق، وتجرنا إلى اقتراف الآثام، وتجعلنا لا نميل إلى الخير بل للشر، فالرفيق الصالح هو الناصح الأمين لصاحبه في الدنيا، يبين له الطريق المستقيم، ويهديه للحق وإلى طريق النجاح والفلاح والسعادة، ويكون له شفيعًا يوم القيامة، لقوله تعالى:”فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ”[الشعراء : 100 ـ 101].
ولهذا يجب أن نكثر من أصدقائنا وأصحابنا الصالحين حتى يكونوا شفعاء لنا يوم القيامة، ونحسن اختيارهم في الدنيا لأن الله تعالى أمرنا بذلك، لقوله سبحانه :”وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا” [الكهف : 28]، والتي بين لنا ـ جل شأنه ـ في هذه الآية الكريمة أنه يجب أن نصاحب الأخيار الذين يعبدونه حق عبادته لنستفيد ونتعلم منهم فضائل الأعمال الصالحة، وألا نصاحب الأشرار الذين غفلت قلوبهم عن ذكره، والذي نبهنا لهذا الأمر في آيةٍ أخرى، لقوله تعالى: “فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا”[النجم: 29]، ونبهنا كذلك نبيه الكريم أن مصاحبة الصالحين ومجالستهم فيه خير كثير وفوائد عظيمة، وإن في مصاحبة الأشرار ومجالستهم شرًا عظيمًا وعواقب وخيمة.