و فتيات الكشافة في رواية بين الطموحات و الصعوبات
تقرير : منى شها
يأتي في أذهاننا عادة عندما نتحدث عن ليبيا الصور السياسية والاقتصادية المعقدة التي مرت بها هذه الدولة الواعدة في العقود الماضية.
ومع ذلك، فإن الواقع الحالي يشهد تحولًا مذهلاً في توجه ليبيا نحو التكنولوجيا والابتكار.
حيث أصبحت ليبيا مؤخرًا مركزًا متقدمًا للابتكار وموطنًا للعديد من المبتكرين والمبدعين.
تتميز ليبيا اليوم بتواكبها الوثيق للتطورات العالمية في مجال التكنولوجيا والابتكار. ومن أجل تعزيز هذه الثقافة ودعم المبتكرين والموهوبين، تأسست منظمات غير ربحية لدعم الشباب في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتنظم مسابقات وفعاليات متعددة لتحفيز الإبداع وتمكين العقول الشابة من تحويل أفكارها إلى حقائق ملموسة.
وتعتبر المسابقات والفعاليات التي تُنظمها منظمة ليبوتكس فرصًا ذهبية للمبتكرين لعرض أفكارهم ومشاريعهم أمام لجان تحكيم متخصصة ومستثمرين محتملين. فهذه المنصات توفر للمبتكرين فرصة للتعرف على زملاء مشابهين ومشاركة الخبرات والتعلم من بعضهم البعض.
منظمة ليبوتكس
تعمل منظمة ليبوتكس، وهي منظمة غير حكومية وغير ربحية، على نشر العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في ليبيا، وخاصة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي.
تأسست المنظمة في عام 2016 من قبل مجموعة من الطلاب الليبيين الذين شاركوا في مسابقة الروبوتات العالمية FIRST Global Challenge. ومنذ ذلك الحين، نمت المنظمة لتشمل أكثر من 100 عضو وأكثر من 10 فرق مختلفة تنشط في مختلف المدن الليبية.
و تعمل على تحقيق رؤيتها بأن تكون ليبيا رائدة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم.
وتقوم المنظمة بتنظيم ورش عمل ومسابقات ومعارض ومخيمات صيفية لتعليم وتشجيع الشباب الليبي على الابتكار والإبداع في مجال الروبوتات.
منظمة ليبوتكس
من بين الإنجازات الملحوظة لمنظمة ليبوتكس، حصل فريقها على المركز الأول في مسابقة الروبوتات العربية الأولى التي أقيمت في الأردن عام 2017. كما شارك فريق ليبوتكس في مسابقة الروبوتات العالمية FIRST Global Challenge لثلاث سنوات متتالية (2017، 2018، 2019) وحقق نتائج متميزة.
قدم فريق ليبوتكس مشروعًا مبتكرًا وهو روبوت يسمى ليبوت، الذي يمكنه الحركة والتفاعل مع البيئة والناس، ويتحدث باللغة العربية والإنجليزية. هذا الروبوت يعد إنجازًا مهمًا في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتعمل منظمة ليبوتكس أيضًا على تمكين الفتيات الليبيات من المشاركة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي من خلال إنشاء فريق للفتيات.
تهدف المنظمة إلى زيادة تمثيل الفتيات في هذا المجال وتشجيعهن على الابتكار والتفكير العلمي.
وفي عام 2019، نظمت منظمة ليبوتكس أول معرض للروبوتات في ليبيا، حيث شارك أكثر من 20 فريقًا من مختلف المدن الليبية.
وقدم المعرض فرصة للشباب الليبي لعرض مشاريعهم ومشاركة المعرفة والخبرات في مجال الروبوتات.
تعمل منظمة ليبوتكس بجد لتحقيق رؤيتها وتطوير مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي في ليبيا.
ومن خلال الفعاليات والمسابقات التي تنظمها المنظمة، تساهم في تعزيز المهارات العلمية والتقنية لدى الشباب الليبي وتلهمهم للابتكار والتفكير المستقبلي في هذا المجال الحيوي.
فريق فتيات الكشافة
ويأتي فريق فتيات الكشافة Scouts Girls Robotics Team من مدينة سبها والتي لها عضوية في منظمة ليبوتكس كمثال مشرف على الروح الابتكارية والتطوير في البلاد رغم الصعوبات والعراقيل .
و يعد هذا الفريق الكشفي الأول من نوعه في ليبيا الذي يركز على الجانب الإرشادي، وهو أيضًا أول فريق للبنات في منطقة الجنوب و تأسس الفريق في شهر أكتوبر عام 2022.
صرحت منال الناجم، قائدة الفريق، بأنه في البداية، كان الفريق مكونًا من 15 فتاة، ثم تم تقليص العدد إلى 12 مرشدة تظهر رغبتهن في العمل المستمر والتطوير. يتم توزيع أعضاء الفريق على مجالات مختلفة مثل البناء، والبرمجة، والقيادة، والإشراف.
وأشارت إلى أن فكرة تأسيس الفريق نشأت بناءً على مراقبتهن لفرق الروبوتات الأخرى، حيث تواصلن مع فتيات الكشافة وطرحن الفكرة عليهن.
لاقت الفكرة ترحيبًا وبعد عدة اجتماعات، تسلمن عدة أعمال متعلقة بالروبوتات، ومنها قلصن العدد واخترن من يظهرن رغبتهن في هذا المجال.
وأوضحت أنه على الرغم من عدم وجود فتيات متخصصات في مجالات قريبة من صناعة الروبوتات أو تطويرها، إلا أنهن بفضل حبهن للعمل، بدأن في البحث والتعلم من الإنترنت ومن خلال موقع يوتيوب.
وأضافت أن الفتيات يتلقين تدريبات في مجال البرمجة، وخلال هذه التدريبات لاحظن أن بعض الفتيات لديهن ميل للبرمجة، لذا قمن بتكليفهن بمهام البرمجة.
شارك الفريق لأول مرة في بطولة محلية في تمنهنت تحت إشراف صناع الحياة في فبراير 2023، وتمكنّ من الفوز بالمركز الأول و هذا الفوز أهّل الفريق للمشاركة في البطولة الإقليمية في طرابلس في مارس 2023.
أثناء البطولة الإقليمية، واجه فريق فتيات الكشافة العديد من العقبات. وتشير منال الناجم أنهم لم يحصلوا على الدعم المادي الكافي للمشاركة في البطولة، وكانوا يعتمدون على جهودهم الشخصية وتفانيهم. لكن قبل يوم واحد من المشاركة، نجح الفريق في تنسيق لقاء مع المجلس البلدي، وتم تقديم بعض الدعم المادي لتغطية تكاليف السفر والإقامة لمدة 5 أيام. وللمساعدة الإضافية، قدم فرد من طرابلس دعمًا ماليًا لتغطية تكاليف الإقامة.
وبالرغم من الصعوبات التي واجهها الفريق، استمروا في البحث عن فرص الدعم المادي لتمكينهم من المشاركة في البطولات المستقبلية.
ولاحظ الفريق أن العديد من الفرق الأخرى المشاركة في البطولة تتمتع بدعم كبير من المصارف والجهات الكبرى، مما أضاف إلى شعورهم بالتحدي واليأس.
ومع ذلك، يظل الفريق مصممًا على مواصلة البحث عن فرص الدعم لتوفير المعدات والموارد اللازمة لتطوير وتحسين قدرات الروبوت ومشاركته في المنافسات المستقبلية.
وتضيف الناجم أنه من قلة الدعم النسبة لم يتمكنوا من توفير قمصان أو تيشرتات خاصة بهم في البطولة، وبالتالي شاركوا في البطولة بزي الكشافة الرسمي.
وأيضًا، لم يكن لديهم بروشات إضافية لتبادلها مع الفرق الأخرى كما هو التقليد في البطول، فاضطروا إلى إعطاء بروشاتهم الشخصية.
وتشير إلى أن هناك العديد من البطولات الأخرى التي يرغب الفريق في المشاركة فيها، ولكنهم يواجهون صعوبة في ذلك بسبب غياب الدعم المادي.
وتؤكد أن الفتيات يتمتعن بالرغبة والحماس للمشاركة، و تطوير الروبوت ليكون قادرًا على المنافسة في هذه البطولات الذي يتطلب توفير معدات ومصادر تمويل.