- سالم ابو خزام
أيام قليلة تفصلنا عن “الملتقى الجامع ” لقاء كل الليبيين بحسب إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة د .غسان سلامة . ..سيحضر الملتقى فعاليات الشعب الليبي ممثلين عن البلديات ورؤساء القبائل والنقابات والاتحادات وكذلك رؤساء الأحزاب والتكتلات السياسية ، والتيارات السياسية الأخرى ، ورؤساء الجامعات وعدد من المستقلين ، بالإضافة إلى مجلس النواب ومجلس الدولة وفعاليات أخرى مشاركة في الأزمة الليبية أبرزها مؤسسات المجتمع المدني لما لها من قيمة في هذه العملية . الملتقى هو تمثيل لكل الليبيين ، من كافة المناطق ، مهما كان عدده صغيرا وأعتقد أنه يمثل شرعية أخرى تنال حقها من مشروعية وسلامة قراراتها بحال من الأحوال وهذا طريق آخر لابد منه بعد ” الصخيرات ” الذي اصطدم ببوابة الانسداد السياسي الحاصل ، الذي تسبب فيه كل من مجلس النواب ومجلس الدولة لأسباب كثيرة ومتداخلة . “غدامس ” مكان للملتقى الوطني الجامع لما تحظى به من حيادية يجتمع عليها إلى حد بعيد كل الليبيين بالإضافة إلى مسائل أخرى تتوفر في غدامس دون سواها ، وأهمها البعد والهدوء ، حيث تشعر فيها أنك في منتجع أعد لهذا الغرض ، غدامس ” الواحة ” لم تعرف الحرب ، لكنها ستخرج علينا بثوب السلام والكرم بإذن الله ، بعد أن تتحول إلى منطقة خضراء بالضرورة ، تحت الإرادة الدولية . الملتقى سيسفر عن جملة من الحلول في الأزمة الليبية كما هو مأمول ، لعل أولها توحيد المؤسسات ، وإنجاز حكومة وحدة وطنية مصغرة لتصريف الأعمال، قبل السير في انتخابات برلمانية ورئاسية على قواعد دستورية جديدة ، ولعل لقاء أبوظبي الأخير يلقي بظلاله بكل قوة بين رئيس المجلس الرئاسي ، والمشير قائد القوات المسلحة العربية الليبية ، اتفاقهما سيمهد الطريق ويعبدها نحو التفاصيل ، وهي غير بعيدة . مدنية الدولة أساس في الاتفاق والتداول السلمي على السلطة ، والأيام القادمة ستجيب عن كل الأسئلة ، وربما يجد سلامة نفسه يلتقي ببعض القيادات لتمهيد الأمور وتفكيك “اللوغريتمات” قبيل اللقاء المزمع . فزان ، بعد أن فرضت القوات المسلحة العربية الليبية عودتها للوطن وطرد الإرهابيين من ترابها وكذلك العصابات المارقة ، لابد أن تحظى بمشاركة حقيقية ، خاصة أنها كانت ولاتزال المتضرر الأكبر من الأزمة الشاقة باعتبارها إقليما معزولا أو في أقل تقدير شبه معزول ، الملتقى الجامع مطلوب منه وبإرادة جماعية منح فزان حقوقها في أن تعبر عن نفسها بضرورة اختيار ممثليها هذه المرة في الحكومة المرتقبة !! لطالما اختارت فزان البقاء مع الوطن وتنازلت طوعا عن مواقع كثيرة وتعرف أن اختيار التراب أجدى وأنفع من مناصب زائلة ، سيما أننا سنبحث حلولا كثيرة ، وسنعطل معا ألغاما ، لاتنفجر جراء الحوار الذي يتسم بسرعته مع عوامل الوقت المحدد ، فكل ماسيطرح بالضرورة مفهوم عطفا على طول مدته وتداعياته. الملتقى الجامع بحاجة إلى غطاء دولي يحميه ويعزز مكانته ، فالعقاب أمر لابد منه لعدد من المخربين ، والانتهازيين والمصلحيين الذين آثروا منافعهم الخاصة قبل كل شيء وأستطيع أن أقول إن أكثر الليبيين يعرفونهم اليوم ، خاصة بعد الإعلان على الهواء بفضائح مالية تقشعر لها الأبدان . عقاب من المجتمع الدولي ومجلس الأمن ضدهم وكل ما هو متاح لإيقافهم عند حدهم وتنحيتهم جانبا ، لأنهم تسببوا في كل اختناقات الليبيين الاقتصادية والأمنية بشكل حاسم . .. أقول إن الملتقى الجامع هو آخر دواء وعلاج للمشكل الليبي ، ونحن نعول عليه كثيرا لسبب واحد فقط بات مؤكدا أن الليبيين أثبتوا أنهم غير قادرين على حسم وحل مشكلاتهم لوحدهم مهما فعلنا ، ورفضوا التنازل لبعضهم بعضا . الاجتماع تحت الإرادة الدولية موضوع مطلوب ولعلنا نتطلع للدكتور غسان سلامة في إيجاد المخارج الأخيرة وسط هذه العتمة ، التي إن تركت لحالها ستقودنا إلى كوارث أكبر من تجريف الأموال والأفقار . الملتقى الجامع ، فرصة تاريخية لنقل ليبيا إلى المكانة التي تستحقها بين دول العالم ، ولن تترك فيه الأمور هكذا لعدد فقط من الغوغائين لتخريب ليبيا . ..كما أنه فرصة مواتية تماما لافتكاكها من مجلس النواب ومجلس الدولة اللذين أهدرا الكثير من الفرص أمامهما وبالتالي لم يعد أيّا من الليبيين يثق بهما مطلقا ،فالتجربة وحدها دليل على الفشل أو الاتفاق عليه كما بدا ، الأمم المتحدة التي ساعدت فيما سبق بإظهار ليبيا ، عليها اليوم إنقاذ ليبيا من محنتها مرة أخرى ، وهذا مكسب حقيقي لليبيين والمنطقة والعالم بأسره . أ.سالم أبوخزام .