هل كان الشرق الأوسط عبئا على حيوات شرق وجنوب المتوسط؟

هل كان الشرق الأوسط عبئا على حيوات شرق وجنوب المتوسط؟

   محمد عثمونة 

 استناد على قراءة في صفحات الماضي الجيوسياسي لجغرافيات شرق وجنوب المتوسط أستطيع القول: ليس بعيدا عن الموضوعية من يقول بشرق أوسط ذو مردود إيجابي على الاستقرار والسلم الدوليين. دون ابتعاده بما يكفي عن التعاطي مع جغرافية جنوب وشرق حوض المتوسط ككم واحد و ككل واحد، لأن هذا الفضاء الجغرافي الديمغرافي الثقافي يضم ويتعدد كيانه الواسع وتتقاسمه خصوصيات أربعة – الخليجي – المغاربي – المشارقي – وحوض النيل . وهذه جميعها فرضها التنوع الطوبغرافي الطبيعي لجغرافية هذا الفضاء الحيوي . فالتعاطي مع هذا الفضاء الشاسع ككل واحد وككم واحد . بتخطي خصوصياته الأربعة فيه تهميش وإسقاط وشطب لواقع بُعده الديمغرافي الثقافي. فيه تجريد  هذا الفضاء من بُعده الاجتماعي الثقافي من أنسنته. والذهاب في التعاطي والتفاعل معه كجغرافية وفقط وليس غير ذلك.

وهذه من الأسباب الأساسية – في تقديري – التي جعلت منه ليس غير بقعة جغرافية لا تُنتج سوى ما يُربك ويخنق حيوات الناس ويشّقيها على المحلي والإقليمي لجغرافية شرق وجنوب المتوسط.  ويدفع بها ويجعل منها حاضنة مُنتجة ومُصدّرة لكل ما يُقلق وعلى نحو دائم الاستقرار والسلم الدوليين.

وإذا لم يلتفت المجتمع الدولي بمؤسساته الأممية بمعّية أرباب وسدنة الشرق الأوسط الذي جعلوا منه موازيا وبديلا لجغرافيات شرق وجنوب المتوسط عقب الحربين الأولى والثانية. ووُسم  ومنذ ذلك الحين بمسمى الشرق الأوسط فسوف يكتشف عاجلا أم آجلا ساكنة ومواطنو جنوب وشرق المتوسط بأن هذا الموازي البديل قد مثّل وكان دائما خطرا وجوديا على حيواتهم وسيبقى كذلك وهذا – في تقديري – ليس بجيد للسلم والاستقرار الدوليين , لأن هذا الإدراك سوف يرفع من منسوب التوتر بهذا الفضاء الحيوي . وسيتكرر ما هو ماثل  أمام الجميع  فيما يحدث وفي وقتنا الحاضر على جغرافية جنوب وشرق المتوسط ، ولكن سيأتي على نحو مُركّب يتناسب مع ما أتاحه التقدم العلمي من تطور في وسائل الاتصال والفتك والدمار، وقد صارت جميعها في متناول واستخدام الجميع.

كنت أحاول القول من كل ما سبق بأن تخطي وتجاوز التعاطي مع جغرافيات شرق وجنوب حوض المتوسط ككلل واحد وككم واحد . والذهاب للتعامل معها كفضاءات أربعة كل له خصوصياته الخليجي المغاربي . المشارقي . حوض النيل. سيكون فيه الخطوة العلاجية الأولى لما كان سائدا من بؤس في هذا الفضاء الحيوي والابتعاد عن إمكانية استفحاله فستُوفر هذه الخطوة – في تقديري – قدرا مقبولا من التوافق والانسجام وبمساحة أكبر من خلال المُشترك الجغرافي الديمغرافي الثقافي في داخل كل فضاء من هذه الفضاءات على حِدة. والذي عبره ومن خلاله قد يتحقق حد أدنى من التساند والتكاثف والتعاضد البناء الذي يحتاجه كل فضاء فيما بين دوله للوقوف في وجه البؤس والتخلف أثناء محاولة الاشتغال على خلخلة وتفكيك قواعده في الفقر والجهل والمرض وهي في ثلاثتها تُشكل  المعادل الموضوعي الذي صاغ ما يُعرف بالبؤس أو التخلف ومرادفاتهما المنتجة لكل ما يعيق ويربك تقدم الحياة نحو الأمام .

وأستطيع القول أيضاً إن العمل على بعث هذا الحد الأدنى من التساند والتعاضد والتكاثف الذي قد يوفره وبمساحة أكبر من غيره المشترك الجغرافي الديمغرافي الثقافي داخل كل فضاء من الفضاءات الأربعة على حِدة يحتاجها أيضاً استدراج الأمن والاستقرار إلى داخل كل فضاء من الفضاءات الأربعة لتخليق الظرف المكاني الزماني المناسب لمُشاغلة القواعد التي ينهض عليها البؤس والتخلف والذي كان دائما عبر العقود الماضية عبئا ثقيلا على الاستقرار والسلم الذي تحتاجه حركة عجلة الحياة نحو الأمام كي تغادر وتتخطى النكد والضنك الذي يغطي ببؤسه الحياة فوق جغرافيات شرق وجنوب المتوسط.

كنت أحاول الوصول بالقول إن مواجهة كل العقبات التي تعترض سبيل الجهود نحو إقامة الأسس التي تنهض عليها مقومات حياة تمثل في حدها الأدنى بيئة مناسبة لحياة الآدميين. يحتاج في عمومه حدا مقبولا من التوافق والانسجام لم يكن مُتوفرا خلال العقود الماضية على جغرافية هذا الفضاء الحيوي والذي يؤسس عليه للخطوة الضرورية الأولى نحو تساند وتعاضد جماعي بين دول الفضاء الواحد. وهذه الخطوة ولكي تحدث على أرض الواقع تحتاج مساحة مقبولة من المشترك الجغرافي الديمغرافي الثقافي ما كان ليُوفرها هذا الفضاء في التعاطي والتفاعل معه ككم واحد وككل واحد وبالقدر الفاعل المطلوب الذي قد يُحققها ولأسباب موضوعية التعاطي مع  جغرافية شرق وجنوب المتوسط كفضاءات أربعة كُل له خصوصيته تُشكل في مجموعها الفضاء الجغرافي الديمغرافي الثقافي الواسع لهذا الفضاء الحيوي خاصة بعدما صار ولأسباب عديدة ليس في ميسور دول الفضاء الواحد من الفضاءات الأربعة وعلى نحو فردي مُشاغلة قواعد البؤس في مفردات الفقر والجهل والمرض لتفكيكها وعلى نحو ناجع دونما تكاثف في الموارد وتعاضد في الطاقات بين دول الفضاء الواحد لإفساح الطريق أمام عجلة الحياة للدوران والتقدم إلى خارج قيعان بؤس الحياة وتخلفها . ضف إلى ذلك أن العصر  صار ينزع نحو التعاطي في خطوطه العريضة مع الفضاءات الواسعة التي تنتج وعلى وجوه عدّة أسواقا واسعة تُحفّزه على الانخراط والانغماس في شراكة تتوخى الربح بالجميع وللجميع. وكل هذا سينتهي إلى تمدد رقعة الأمن والاستقرار الدوليين وتراجع  نقيضها على حساب واتساع جغرافية الفضاء العالمي.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :