بقلم :: خالد بن سلمى
لن يسمح التاريخ لأحد بالقول عفا الله عما مضى ، بل يحدث أن يشكل هذا التاريخ الدموي للأنظمة عبرة ، تلقي الضوء على الحياة التي ذهبت هدرا ، والوقت الطويل الذي ذهب إهدارا ، على أن يتم تدارك ما بقي منه وينتفض على نفسه ليذهب عميقا من الأرض فيخرج لنا الينابيع أو البراكين أو الربيع. ” عقل العويط” مثل باقي البشر تتجادل الأفكار في محيط ديمقراطي يسمى حوارا وتتقاتل بالأسلحة الثقيلة ذات الصراع الصحراوي داخل المدن ويسمى ” جدال البنادق ” بدلاً من ابتكار آلية جدية للحوار الصادق والمصالحة الصافية من ناحية النوايا لا من أبواب الأفواه .. فقد مللنا كلام الأفواه بأننا ليبيا والليبيين والوطن والشرعية والكل يتكلم ويقول نحن الشعب الليبي وأنا لم أر الشعب الليبي هذا مع أحد .
حوار الصخيرات من الذين يمثلونه؟ والله لا أدري! حوار الجزائر من يمثلنا؟ والله أعلم! حوار ملتقى القبائل من يمثلنا؟ والله لا أدري! هل لهم وجود في ليبيا أم أنهم عينات انتقائية لبلديات ساخنة المحاور ؟ ترى هل هذه ليبيا التي نعيش فيها و بها، ولأجلها يتكلمون ويتحاورون؟ أم أن هناك ليبيا أخرى يتكلمون عنها ؟ ترى هل نعاني الانتقائية وسوء النية ؟ أم أننا كما ندعي ونقول نحن بعيدون عن التعصب القبلي والتحزب السياسي والتطرف العائلي أو الجهوي ؟ وكذلك عن ضيق الأفق المريض وتصلب النظرة الواحدة الهشة ، ونحن وفي أكثر الموضوعات جدلاً وحواراً وقتالاً ونقاشاً وإشاعة وكذباً وأفكارا وصدقاً وبعداً أو قرباً وثقة وشكاً وتفاؤلاً وتشاؤما ، لكن الحقيقة الوحيدة والثابتة أننا ولمدة أربع سنوات نشير بإصبع الاتهام لنا وللنظام السابق والذي بعده والذي يلي السابق الذي بعد السابق للسابق والشاهدة، والدعاية الإعلامية في قنواتنا دون استثناء يا صاحبة الجلالة كذلك ، هل نعاني الأمية الديمقراطية أم السياسية أم الحوارية أم التصالحية؟ وهي الأهم ، هل نرى مصالحة وطنية صادقة المعالم والنوايا ، دون تدخل القبيلة ومصالحها والحزب ومكاسبه ، ومافيا الاقتصاد وأرباحها وأبواق الإعلام وسوق المزايدة لمن يدفع أكثر؟ . رأينا ساسة يتقلبون في آرائهم ومعتقداتهم السياسية تارة ينفون ما حدث ثم يصدقون عندما يخرجون من السلطة ، تارة يتبادلون الاتهامات غير المعنونة بالأسماء منعا للإحراج وتارة بالأسماء وكله لمصلحة الوطن ترى أي وطن تحترم عندما تكذب عليه باسمه ولا تقول له الحقيقة؟ هل هي المواطنة الصحيحة أم المواطنة النفعية؟
وزير مع الوطن وعندما يخرج يسب رجال الوطن ويتجه للضفة الأخرى لا لشيء سوى أنه تحصل على منصب سفير أوروبي وباسم الوطن والحقيقة للوطن – هل الوطن على مقاس المصالح؟ . هل الوطن على مقاس القبيلة؟. هل الوطن على مقاس الحزب؟. والمواطن البعيد عن الوطن هل له وطن عز ّعليه؟! أم أنّ عليه الإكثار من الأغاني الوطنية لترد عليه غربته والتي لها عدة أنواع : مهجر ، نازح ، هارب ، مطارد ، طالب ، سائح ، وغائب وحاضر، هل فهم منكم أحد لكي يفهمنا ما فهم؟ لكي نقنع أنفسنا أننا فهمنا .
ختاما : علينا بالدعاء للوطن لأنه أضعف الإيمان.