التحول الديمقراطي في دولة النيجر منذ عام 1991 ( الجزء الثالث)

التحول الديمقراطي في دولة النيجر منذ عام 1991 ( الجزء الثالث)

عرض وتقديم : أبو بكر مصطفى خليفة

قسم الدراسات والابحاث

 مليئة هي تجارب الدول الساعية الي الاستقرار بعد مرورها  بفوضى وصراعات  وفتن

ومن هده الدولة الجارة لليبيا من جهة الجنوب دولة النيجر الصديقة التي تربطها علاقات راسخة في القدم بين الشعبين الليبي والنيجيري  وتعرض صحيفة فسانيا في هدا العدد الجزءالثالث من تقرير التحول الديمقراطي في جمهورية النيجر الصديقة  والتي يرتبط استقرارها السياسي بدول الجوار وعلى الاخص ليبيا

في هذا العدد من الصحيفة نواصل ما توصل إليه الباحث حمدي بشير محمد على في رسالته التي تناولت التحول الديمقراطي في دولة النيجر منذ عام 1991 وتطورات المشهد السياسي في النيجر وتداعياته في السياسة الداخلية والخارجية لدولة النيجر حيث نعرض في هذا العدد النتيجة الثالثة الخاصة بالعوامل المؤثرة في عملية التحول الديمقراطي في النيجر :

حيث يقول عنها الباحث حمدي بشير محمد علي

تأثرت عملية التحول الديمقراطي بتدخل المؤسسة العسكرية، حيث كان للمؤسسة العسكرية دورها في الإصلاحات الدستورية والانتخابية بشكل أدى إلى سيطرة العسكريين على مسار عملية التحول ، الامر الذي أفرغ عملية التحول الديمقراطي من مضمونها ومحتواها، وبالتالي فقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:

1- عدم صحة الفرض القائل بوجود علاقة ارتباط إيجابية بين تدخل المؤسسة العسكرية واستقرار عملية التحول الديمقراطي، لأن مصالح العسكريين ورغبتهم في توجيه عملية التحول هو العامل الرئيسي الذي يفسر ظاهرة النمط الانتقالي لتدخل المؤسسة العسكرية وانسحابها بعد تسليم السلطة للمدنيين، فقد تأثرت عملية التحول الديمقراطي في النيجر بعدم استقرار المؤسسة العسكرية وبإندلاع حركات التمرد العسكري بين الحين والآخر، وكان التمرد عامل ضغط ومؤثر في انسحاب العسكريين وتسليمهم للسلطة، وهذا يشير إلى وجود علاقة ارتباط قوية بين استقرار المؤسسة العسكرية واستقرار عملية التحول .

وقد ميزت الدراسة بين نمطين للتدخل: النمط الأول هو نمط السيطرة على السلطة وقد كان انتكاسة لعملية التحول في أول مراحلها، والنمط الثاني: النمط الانتقالي بالإشراف على تعديل الدستور وإجراء الانتخابات، ووجدت الدراسة أن العسكريين لم يستطعوا الالتزام بالحياد سواء كان ذلك من خلال التدخل في عملية تعديل الدستور بتحديد اللجنة التي تعد هذا الدستور أو بالتدخل في عملية الإصلاح الدستوري نفسها، أو من خلال تعديل النظام الانتخابي والتدخل في عملية الانتخابات، مما يدل على أن تدخل العسكريين كان بمثابة صفقة بين العسكريين والنخبة لتحقيق المصالح المشتركة، لذلك لم يؤد تدخل العسكريين إلى استقرار مؤسسي أو سياسي وديمقراطي دائم، وهذا يشير إلى أن المؤسسة العسكرية تظل هي القوة الفاعلة والمهيمنة على الساحة السياسية.

  1. صحة الفرض القائل بوجود علاقة ارتباط عكسية بين العامل الاثنى وفعالية دور الانتخابات في عملية التحول الديمقراطي، فقد تأثرت عملية التحول الديمقراطي بالعامل الاثنى سلبياً.

حيث تشير نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى اتجاه الناخبين بالادلاء بأصواتهم  على أساس الانتماء الاثنى والجغرافي للمرشح لمنصب الرئاسة ، فغالباً ما كان يحصل محمدو إيسوفو (الرئيس الحالي) على أعلى الأصوات في منطقة التاهو (مسقط رأسه) ، ومهمان عثمان في منطقة الزندر (مسقط رأسه) والتي تقطنها جماعة الهوسا ، أداموديجرماكوى وموسى ديجرماكوى في منطقة الدوسو (مسقط رأسيهما) التي تقطنها جماعة الزارما (الديجرما) .

وغالباً ما كان يحصل الحزب النيجري من أجل الديمقراطية والاشتراكية (الذي ينتمي إليه محمدو إيسوفو) على أعلى نسبة من الأصوات في منطقة التاهو، وكذلك حزب المؤتمر الديمقراطي والاجتماعي (الذي ينتمي إليه مهمان عثمان) الذي استأثر بأصوات جماعة الهوسا وحصل دائماً على أعلى نسبة من الأصوات في منطقة الزندر، بينما نجد أن حزب التحالف النيجري من أجل الديمقراطية والتقدم (الذي ينتمي إليه أداموديجرماكوى، موسى ديجرماكوى) قد حصل على أعلى نسبة من الاصوات في منطقة الدوسو.

  1. صحة الفرض القائل بوجود علاقة ارتباط إيجابية بين مستوى الوعي المؤسسي لدى النخبة واستقرار عملية التحول الديمقراطي، فكلما زاد وعي النخبة بالترتيبات المؤسسية كلما انعكس ذلك في الممارسة السياسية واستقرار عملية التحول الديمقراطي، ومن ثم كانت الممارسة السياسية هي المتغير الأكثر تأثيراً في عملية التحول، حيث تأثرت عملية التحول الديمقراطي بوعي النخبة السياسية بالترتيبات المؤسسية التي ارتبطت بطبيعة نظام الحكم (المختلط) ، حيث كانت أزمة التحول الديمقراطي خلال الجمهورية الثالثة أزمة مؤسسية نتجت عن الصراع بين رئيس الدولة ورئيس حكومة المعارضة، الأمر الذي انتهى بحل الجمعية الوطنية ومقاطعة رئيس الجمهورية لاجتماعات مجلس الوزراء ، بينما نجد أن الممارسة السياسية كان لها دورها أيضاً في أزمة التحول خلال الجمهورية الرابعة خلال عهد الرئيس بارى، منذ أن اتجه النظام إلى حل اللجنة الانتخابية وتزوير الانتخابات وقمع المعارضة، بينما أدت الممارسات السياسية للرئيس تانجا بسعيه إلى تركيز السلطة في يده وقمع المعارضة إلى أزمة مؤسسية أسفرت عن انهيار عملية التحول ، خاصة بعد قيام الرئيس تانجا بحل الجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية وتعديل الدستور من أجل الاستمرار في السلطة.

وفي واقع الأمر، إذا كانت التجربة الديمقراطية في النيجر قد ارتبطت باستنساخ الترتيبات المؤسسية من النظام الفرنسي (النظام المختلط) ، فقد كان للممارسات السياسية واتجاهات النخبة السياسية تأثيراً أكبر في عملية التحول بسبب نقص الوعي المؤسسي وعدم الالتزام بالترتيبات المؤسسية والقواعد والأطر القانونية لدى النخبة، بشكل جعل المؤسسة العسكرية تتمتع بالثقل الأكبر وبالدور المحوري والرئيسي في عملية التحول.

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :