الدمعة الحادية عشر

الدمعة الحادية عشر

  •  محمد الزروق

تقول الدمعة الحادية عشر إن عَمراً أغْلَقَ جِهَازَ التِّلْفاز قَبْل أنْ يأوِي إلى الفِراشِ وهوَ يَقُول:

حَصيلة مُرتفِعة هذا اليوم.. أكثر من خمسينَ قتيلا.. وخَمْسة عَشَر هَدَفَاً..

المصيبة أنه قالها دون أن يرتجف صوته أو تنفر من عينيه دمعة واحدة.

تقول الدمعة الثانية عشر إن زيداً خرج صبيحة زواجه بالرابعة, فعرج على سوق النخاسة. تفحص البضاعة المعروضة وبعد لأي اختار حسناء توائم شغفه ليعود بها. مضى بعدها إلى المسجد. اعتلى المنبر. طفق يخطب في الجموع محذرا من عواقب عدم غض البصر.

تقول الدمعة أيضا إنها سقطت من دموع الفقراء العزاب الذين كانوا يصلون خلفه.

تقول الدمعة الثالثة عشر إن رهطا من العسكريين خرجوا من المقبرة بعد أن صلوا على زميلهم الذي استهدفت سيارته بقنبلة مزروعة صلاة لا سجود فيها.. ورفعوه على أكتافهم.. وواروه التراب.. أتموا السجود تحت سياراتهم..

تقول الدمعة الرابعة عشر إن رجلا بخيلا أراد أن يهدم بيته (العربي القديم) ليبني مكانه بيتاً جديداً.. وحتى يختصر التكاليف كتب على بيته (مركز شرطة)..

وتقول الدمعة أيضا إن شر البلية ما يضحك ولهذا فإنه وفقا لذا المنطق فإن خير البلية ما يبكي.

تقول الدمعة الخامسة عشر إن حينا يتعرض الآن لهجوم قردة الأورانج أوتان.. لا أتخيل الأمر لأنه واقع.. ففيما أنا أحاول الوصول إلى مكتبي فوجئت بها تقفز هنا وهناك..  وتركض في الشوارع ..وتعلو أسطح البيانات.. عرفت لاحقا أن شخصا ما فتح أقفاص الحديقة وأطلق سراحها..

تقول الدمعة أيضا إنه في زمن الحرب قد يهاجمك الجميع.. بما فيهم القردة..

تقول الدمعة الخامسة عشر والأخيرة إن الطفل والوطن يتشابهان.. فكلاهما يعرفان من يحبهما.

تنظر إلى موسم حكايات الفاخري وتخاطبه:  كنت محبا للوطن, وقد اخترت لك حكايات على نمط موسمك لتؤرخ لحال الوطن في حياتك, وبعد رحيلك, حكايات نسجتها الدموع.

إنه موسم الدموع..

دموع القصص- مجموعة “كيس الأدلة”..

______________________________

*خليفة الفاخري: قاص وأديب ليبي راحل صدر له : موسم الحكايات.. بيع الريح للمراكب..  غربة  النهر.. موسم لحكايات

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :