الروائي شكري المبخوت في أمسية روائية بدار الثقافة أبوالقاسم الشابي

الروائي شكري المبخوت في أمسية روائية بدار الثقافة أبوالقاسم الشابي

  • نيفين الهوني / تونس

نظمت أسرة بيت السرد دار الثقافة أبوالقاسم الشابي بن عروس بحضور مغاربي جلسة أدبية نقدية تعنى بالرواية والصحافة من خلال رواية باغندا للروائي التونسي شكري المبخوت قدمتها الأديبة التونسية هيام الفرشيشي وقد تخللت الأمسية مداخلات شعرية للصحافية والشاعرة والروائية الناقدة الثريا رمضان الثريا رمضان التي قدمت أيضا قراءة وتقديما للرواية في الأمسية جاءت تحت عنوان “بين الكتابة الصحفية والتخييل الروائي” وقد جاء في الورقة التي اخترنا منها هذه الكلمات حيث تقول في تقديمها للرواية من خلال الأمسية مات باغندا… عاش باغندا… هي الجملة التي اختار شكري المبخوت أن ينهي بها روايته “باغندا”، والتي كان عنوان أول فصل لها هو “شمس الحكاية”، وهنا يبرز الخيط الرابط بين الشمس في أول الرواية والموت والحياة في آخر الرواية، فكأن باغندا هو الشمس التي تحيا كل فجر لتموت عند المغرب في دورتها الحياتية التي لا تنتهي. وباغندا لاعب الكرة الأسمر الذي اختفى في ظروف غامضة ليقرر بسببه الصحفي عبد الناصر القيام بروبورتاج مطول أدخله في متاهات كبيرة في عالم الرياضة والمال والأعمال والفساد.

وهكذا يجد المتصفّح لرواية باغندا نفسه داخل تحقيق بوليسي إن صحّ التعبير، فالرواية تبدأ أحداثها بفتح صندوق قديم ممتلئ بقصاصات ومقالات قديمة تخص ملف الاعتداء على لاعب كرة قدم تونسي كان أغلق من قبل حتى أن يفتح، على يد الصحفي عبد الناصر، وهذا ما جعله يعيد ترتيب الأوراق من جديد فتبدأ الرحلة معه في تحقيق صحفي لن يتم أبدا، لكنه مليء بالأحداث المتسارعة والمتشابكة. فكيف تحولت مجرد قصاصات من الجرائد إلى أفكارٍ ساردًا لبناء عوالم تخييلية ، خصوصا وأن الراوي استخدم المقالات كما نشرت في الصحف داخل الرواية ولم يقم بالإشارة فقط إلى فحواها. ومع تواتر الأحداث الواقعية اجتماعيا ورياضيا وسياسيا داخل الرواية وواقعية الأماكن، لعلنا نبحث عن مدى الشبه بين الواقع والخيال داخل الرواية، ونتساءل إلى أيّ مدى يمكن أن يكون هنالك تشابه بين الواقع الرياضي في تلك الفترة وما ذكر في الرواية من أحداث؟ أو ما مدى تشابه شخصيات الرواية مع شخصيات بذاتها من الواقع التونسي؟

ونتذكّر أيضا ملفا من الواقع الرياضي التونسي بقي لحد الآن مبهما وهو ملف لاعب المنتخب محمد علي عقيد الذي توفي في ظروف غامضة في السعودية، ولئن طالبت عائلته بإعادة نبش القبر وتشريح الجثة، فإن الزمن يبقى قاتلا لقيمة المعلومة عند الناس، كما أن التونسي نسّاي بطبعه، لذلك لعل باغندا تكون فتحا للباب أمام مثل هذه القضايا للكتابة عنها بإسهاب وإعادتها إلى السطح من جديد بشكل يعيد إحياءها. واسترسلت في التفاصيل ثم اختتمت ورقتها بقولها كل هذه الملفات فتحت على يد صحفي، ولقد اعتمد شكري مبخوت على أسلوب التحقيق والاستجواب في فتح هذه الملفات داخل الرواية، فكأن الراوي مفتّش بوليسي يركض خلف الشخوص والأماكن والأحداث نفسها ليستنطقها بشتى الطرق، فمرة يعمد إلى إغراء عامل المقهى بعشاء ومشروب ومرة يعمد إلى محاورة حلاق الحي وهكذا مع عدد من الشخصيات الفاعلة في الرواية محاولا التوصّل إلى حقيقة ما حصل، فلماذا عمد المبخوت إلى استبدال هذا المفتش بصحفي؟

لعل الصحفي الذي تلتهمه ماكينة الإعلام المحكومة بالسلطة ورأس المال لا يستطيع أن يفتح ملفا تم غلقه عمدا، عكس المحقق الذي تخول له مهنته البحث عن الدلائل الملموسة والوثائق بشكل رسمي وقانوني. وربما لذلك ختم المبخوت الرواية بتصريحات الأمني عثمان عن باغندا.

في الختام أريد فقط سَوْق ملاحظة شدتني في الرواية وهي أن المبخوت تعمد في فقرة من الرواية جعل الراوي يخاطب القارئ بشكل مباشر، فهل هذا شكل من أشكال إلحاق القارئ بالرواية كأحد شخوصها؟

أم هو تعامل الصحفي مع من يستمع إلى ما آلت إليه آخر تحقيقاته؟ هذا التحقيق الذي لم يكتمل أبدا ولم يرَ النور لأن النافذين طمسوا جميع ملامح الجريمة مثلما تطمس الأسرار داخل القصور.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :