قصة قصيرة :: محمد مسعود
يستيقظ كل صباح، يرتشف القهوة على الكورنيش، يستمع إلى الموسيقى، يقرأ الأدب العالمي، يتابع الأخ توبار، يحفظ بعض المصطلحات، يردد بعض الكلمات الإنجليزية والألمانية والفرنسية، يستخدمها وسط حديثه مع معارفه القلائل. مواطن معاصر يرتدي القبعة، والنظارات الطبية، لديه طموح ظاهر، ولديه حلم أيضًا، غبي اجتماعيًا، ليس بطلاً كما في الأفلام الهندية – أو – ديناصورَ كما في خرافات القرون الوسطى، بل إنه (المواطن) الأول، المبدع، الذى يعرف كل شيء، ويفهم كل صغيرة وكبيرة. بالرغم من هذه المواصفات الخارقة، إلا أن صديقنا “الفايح” لا يجيد التعامل مع النماذج البشرية، لا يجيد التفاعل مع مشاعر الناس، حتى أن أحد أقاربه وصفه بالمتكبر، يرفع أنفه إلى السماء حينما يمشي، وينظر إليهم بنظرة الاشئمزاز، إذا جاء أحدهم يسأله عن سعر البطاطا، لن يجيبه وسيعتبر ذلك إهانة. ذات يوم كنت جالسًا في المقهي، كنتُ منهكًا للغاية، أشاهد إعادة مباراة الميلان وروما، سمعته يقول لصديقه: “شعبنا جاهل، لا يمتلك الثقافة، لا يفهم ماذا أقول.. ولا يعرف قول الفلاسفة عن الحياة، إنه شعب قابع في العادات والتقاليد والمشكلات، ولا اظن أنه يخطط للمستقبل” هز صديقه راسه وقال: “انت المثقف والمختلف، ويجب عليك إظهار الحقيقة للناس” لم يرتح لرد صديقه، وسرعان ما تشاجر معه، رحل عن المكان، وظل صديقه يهز رأسه بلا انقطاع. المغزي من الحكاية هي – أن – الثقافة – ليست رشف القهوة – أو – الاستماع إلى صوت فيروز في الصباح – أو – قراءة الكتب أو الشعر كما يظن “الفايح”. خلاصة القول: إن – الثقافة – عند الفلاسفة – هي تَهذيب وصَقل النَّفس البشرية، وهي مَجموعةٌ من السلوكيَّات الّتي يتم اتباعها لتقويم سلوك الأفراد والمُجتمعات، وذلك عن طريق العقائد والثقافات المختلفة الّتي تهدف إلى تقويم وضبْط السلوك، ويتجلَّى المعنى الحقيقي للثقافة في ظهوره في الاعتقادات والأفكار المُتبعة من قِبَل الأفراد، بالإضافة إلى سُرعة البديهة في اتخاذ القرارات، وفي تعبير الفرد عن نفسه بطريقةٍ سليمة، بالإضافة إلى المُشاركة في الحديث واحترامِ الرأي الآخر.