القصد الجنائي

القصد الجنائي

  • المستشارة القانوية / تهاني المعداني

يعتبر القصد الجنائي أخطر صورة للركن المعنوي لأنه ينطوي على معنى العدوان المتعمد على الحقوق والقيم ،ذلك نظرا لأن إرادة الجاني تنصرف فيه إلى السلوك الإجرامي الذي تقوم به النتيجة النهائية للجريمة. وقد عرّف المشرع الليبي القصد الجنائي في ماده ١/٦٣من قانون العقوبات بقولها (ترتكب الجناية أو الجنحة عن قصد عمدي إذا (ترتكب الجناية أو الجنحة عن قصد عمدي إذا كان مقترفها يتوقع ويريد أن يترتب على فعله أو امتناعه حدوث الضرر أو وقوع الخطر الذي حدث والذي يعلق عليه القانون وجود الجريمة). وبالرغم من أن هذا التعريف قد اقتصر على الجنايات والجنح فإنه ينطبق على المخالفات أيضا طبقا للفقرة الرابعة من المادة المذكورة التي تنص على أنه (وتراعى في المخالفات أيضا التفرقة بين الجرائم العمدية والجرائم الخطئية كلما اشترط القانون وجود تلك التفرقة لأي غرض قانوني) ومن هنا يتبين أن القصد الجنائي يتطلب عنصرين لازمين لقيامه وهما: ١_العلم بأركان الجريمة ٢_اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المعاقب عليه. *العلم:يعتبر العلم العنصر المميز لفكرة العمد،وقد عبر عنه الشارع بالتوقع أن يترتب على الفعل أو الامتناع حدوث الضرر أو وقوع الخطر المكون للجريمة. فالعلم بالوقائع :يقصد به أن يعلم الجاني بكل الوقائع الجوهرية التي تكوّن ماديات الجريمة،أو توثر في وصفها القانوني،فإن كان يجهل أحدها،فإن ذلك يمنع من توافر القصد الجنائي لديه،وبالتالي فإنه لايُسأل عن فعله،فمثلا في السرقة يلزم أن يحاط علم الفاعل بأن الأشياء التي استولى عليها تخص غيره،أما إذا كان يجهل ذلك ويعتقد لأسباب معقولة أنها آلت إليه بالهبة أو الميراث،فإنه لايكون هناك جريمة. وعدم علم الجاني بالوقائع قد يكون مرجعه الجهل بها أي عدم توقعه لها أو الغلط فيها أي أنه يتصورها على غير حقيقتها.وقد نصت المادة ٦٧من قانون العقوبات على أن: (الغلط في الفعل المكون لجريمة يعفي الفاعل من العقاب عليها ومع ذلك إذا كان الغلط ناشئا عن خطإ الفاعل فلا إعفاء له من العقوبه إذا اعتبر القانون الفعل جريمة خطيئه. وكذلك يعاقب الفاعل كلما كون الفعل جريمة اخرى كما تنص المادة ٦٨ من قانون العقوبات على أنه: (تطبق هذه الأحكام إذا وقع الغلط في الفعل المكون للجريمة نتيجة لتضليل الغير ،وفي هذه الحالة يعاقب على الفعل من حمل على ارتكابه) *الوقائع التي يلزم العلم بها: ا. ‘اركان الجريمة:لكل جريمة أركانها الخاصه التي يجب ان يحاط علم الجاني بها جميعا. فيترتب على جهله بها أو غلطه فيها أو أحدها عدم توفر القصد الجنائي لديه.فمن يطلق عيارا ناريا ليلا على إنسان فيقتله اعتقادا منه أنه حيوان مفترس فإنه لايكون قد ارتكب جريمة قتل عمد. ب-الظروف المشددة وتعني بأنه في بعض الجرائم يشدد القانون العقاب إذا توافر لها ظروف معينة،وذلك لاعتبارات رأى المشرع أنها تدل على خطوره في الجاني يلزم ردعها. ومن باب أولى الظروف التي تغير من وضف الجريمة بالتشديد لا يسأل الجاني عنها إلا إذا كان يعلم بها لأنها تعتبر من الأركان القانونية لها،ويخرج عن ذلك الظروف الشخصيى التي تؤثر في العقوبة وليس لها علاقه بموضوع الجريمة كالعود،أما الظروف المخففة فإنها تحدث أثرها حتى ولو كان الجاني يجهلها. *٣خطورة الفعل:يجب ان يحاط علم الفاعل بأن الفعل الذي يرتكبه من شأنه أن يحدث الاعتداء المقصود .فمن يعطي آخر حبوبا لعلاجه وهو يجهل أنها قد تسبب ضررا فإنه لا يسأل عن الإصابة التي تحدث نتيجة لذلك حيث لم يتوفر القصد العمد لديه .ولا يتوافر القصد الجنائي إلا إذا انصرف علم الجاني إلى ذلك. ٤*العنصر المفترض:يلزم أن ينصرف إليه العلم لتوافر القصد الجنائي، لأنه يدخل في هذه الحالة ضمن أركان الجريمة فإذا كان الجاني يجهل وجوده فإن العمد لا يقوم فمثلا لايتوافر القصد الجنائي في جريمة الإجهاض إذا كان الفاعل لايعلم بوجود الحمل $الوقائع التي لايؤثر الغلط فيها أو الجهل بها على توافر القصد الجنائي: *المجني عليه قد يقع الغلط في شخص المجني عليه كأن يريد بكرا قتل زيد فيطلق عيارا ناريا عليه ثم يتبين أنه قد أصاب شخصا آخر ،هذا الغلط لا يؤثر على مسؤولية الجاني،لأنه قد تعمد جريمة معينة فوقعت مستوفية كل أركانها. *الحيدة عن الهدف:وتقوم إذا قصد الجاني الاعتداء على شخص معين فيخطؤه ويصيب آخر تصادف وجوده بجواره. *شرط العقاب:في بعض الأحوال يعلق القانون العقاب على تحقق شرط معين ينص عليه(المادة٦٦من قانون العقوبات)مثلا في جريمة لعب القمار أن يتم مفاجأة الشخص في محل عام متلبس بلعب القمار ثانيا العلم بالقانون:من المبادئ الأساسية في التشريعات أن كل إنسان مفترض فيه العلم بالقانون الجنائي والقوانين المكملة له على وجه لايقبل إثبات العكس .فلا يقبل من أحد أن يحتج بجهله به أو غلطه فيه وذلك سواء كان وطنيا أو أجنبيا مقيما بصفة دائمة أو مؤقتة بإقليم الدولة. ونصت المادة ٣من قانون العقوبات بقولها إنه: (لايحتج بالجهل بالقانون الجنائي تبريرا للفعل) ويوجد استثناء لهذه القاعدة وهو أنه إذا حالت ظروف قهرية يستحيل فيها على المتهم ماديا وبصفة مطلقة أن يعلم بالقانون المنشئ للجريمة،كوجوده في مدينة محصورة أثناء حرب وقت صدوره. ويلزم لاعتبار الجهل بقاعدة قانون آخر غير قانون العقوبات نافيا للقصد الجنائي،ألا يكون لتلك القاعدة مدلول آخر في قانون العقوبات خلاف المعنى المصطلح عليه في ذلك القانون.لأنها في هذه الحالة تستمد حكمها من قانون العقوبات وتخضع لأحكامه . فلايجوز الاحتجاج بالجهل بها. فمثلا الموظف في مرفق عام لايمكنه أن يدفع تهمهدة الرشوة المسندة إليه،بأنه يجهل كونه موظفا عموميا على اعتبار أن تعريف الموظف يرجع فيه لأحكام القانون الإداري.

ثانيا الإرادة ماهية الإرادة بأنها نشاط نفسي يتجه إلى تحقيق نتيجة مّا بوسيلة مادية. فهي تنصب على الفعل وتعتبر القوة الدافعة للسلوك لكي يتصرف على وجه معين وذلك على خلاف القصد الذي يقتصر على العلم بذات الفعل وأنه يكون جريمة والإرادة لايعتد بها القانون إلا إذا كانت من صدرت عنه إنسان يتمتع بالإدراك وحرية الاختيار ،مما يفترض معه العلم بالوسيلة المستعملة والغرض المقصود. *الباعث على الجريمة هو القوة المحركة للإرادة التي تجعلها تختار العامل الجنائي من بين صور السلوك الأخرى التي كانت في إمكانها القيام بها فهو العلة النفسية التي تحمل الجاني على الفعل.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :